Thursday, December 29, 2011

?هل نحن أمة واحدة

لا نستطيع بسهولة أن نتهم أساتذتنا الأفاضل بأنهم قد ضحكوا علينا، (إذ ربما كانوا  هم أنفسهم مضحوكاً عليهم " ولكن لا يعلمون")، فقد علّمونا بأن الأمة العربية ترتبط بروابط من التاريخ واللغة والدين  والعادات والتقاليد والمصالح المشتركة، كما أن الوطن العربي يحتل موقعاً متميزاً بين قارات العالم، أعطاه ميزات استراتيجية تفرد فيها ، وتميز بها على جميع ما عداه من الأوطان، علاوة على تمتعه بتكامل اقتصادي تام ، بحيث لا يحتاج أبناؤه إلى شيء من غيرهم من الأمم. 
لكن عندما شببنا عن الطوق ، ونظرنا حولنا، صُعِقنا للحالة التي وجدنا عليها الوطن والأمة، تلك الحالة التي لا تُفرِح صديقاً ولا تُغيظ عدوّاً. فإذا ما تمكن العربي من زيارة بلد عربي آخر- هذا إذا مُنح التأشيرة ولم يكن من المسجلين على القائمة السوداء-، فإنه لا يستطيع التفاهم مع " أخيه العربي" باللهجة العامية"، إلاّ إذا استخدم اللغة الأولى "الفصحى" (مع ملاحظة أن معظم "المثقفين" العرب لا يجيدون التحدث باللغة العربية الفصحى).
 أما العادات والتقاليد فتختلف عندنا من قرية إلى أخرى، فما بالك من قطر إلى آخر، أما على المستوى الديني، فيندر أن تجد بيننا من يتجرأ على القول بأننا قد أصبحنا منقسمين عمودياً وأفقياً إلى مئات الملل والنحل حتى داخل المذهب الواحد، أما المصالح المشتركة فقد تحوَّلت لتصبح ثنائية بين القطر العربي والدولة العظمى التي كانت تستعمره، بحيث وصل التطابق في المصالح المشتركة حدّ طلب بعض الدول العربية الانضمام إلى تكتلات غربية كانت تعتبر معادية إلى فترة قريبة، أما الموقع المتميز الذي دُرِّسْنا عنه الكثير، فقد بدا أنه موقع متميز لمصلحة الدول الكبرى، فامتلأت الأرض العربية بالقواعد الأجنبية، وارتبطت أنظمتها السياسية بالمعاهدات الدفاعية، التي تعطي الدول الكبرى ميزة التحكم بموقعنا" المتميز".
 وفي الحديث عن التكامل الاقتصادي: كم هو مخجل أن نعلم أن التجارة البينية بين الدول العربية لا تتجاوز 10% من حجم التجارة العربية، والباقي مع الدول الأجنبية. نعم، الوطن العربي كتلة اقتصادية متكاملة، فقط بمعنى أن الدول الأجنبية تستطيع أن تحصل منه على جميع ما تحتاج إليه من بترول وغاز ومواد أولية ليس اليورانيوم أولها ولا الفوسفات آخرها، ولنا أن نتخيل" عظمة " اقتصادنا" عندما نعلم بأن الدخل القومي لبلد مثل إسبانيا (التي لا تُصنف على أنها من الدول العملاقة) لعام 1993 قد زاد عن الدخل القومي لجميع الدول العربية بحوالي 30 مليار دولار، أما العقول المهاجرة (وهي بالفعل مهجّرة)، فقد " فرَّت من قَسْوَرَة " وأعطت طاقات هائلة إلى الحضارة الغربية، التي عرفت كيف تستفيد منها إلى أقصى حد. 
لأساتذتنا علينا واجب التنبيه والتصحيح  كنوع من رد الجميل، إذ ربما ما زالوا مُضلَّلين، وعلى  قناعاتهم السابقة التي نشّأونا عليها مستمرين، إلاّ إذا كانوا يتحدثون عن الوطن العربي عندما سيصبح دولة واحدة، فإن كلامهم لا شك فيه، ولا يرقى الباطل إليه من خلفه ولا من بين يديه، ولكن هل بقي بيننا من يجرؤ على المطالبة بالوحدة العربية الحقيقية الفورية الاندماجية، بلا مواربة أو نفاق أو ازدواجية؟.

No comments: