Monday, December 12, 2011

نصف الكلام




هو: - آلو . .  مساء الخير . .
هي: - .......................................
هو: - خمّني من المتكلم . .
هي: -  ................................
هو: - هل عجزتِ ؟
هي: -  .................................
هو: - وهل سوف تعرفينني لو قلت لك يا ملكة الكلية ؟ .
هي: -  .............................................
هو: - نعم أنا بشحمه ولحمه ، وهل تغير صوتي إلى درجة أنك لم تستطيعي التعرف عليّ ؟ .
هي:.....................................................................
هو: - ذلك ليس صعباً ، فقد حصلت على رقم هاتفك من صديق مشترك ، واحد من أفراد   الشلة ، سقى الله تلك الأيام .
هي: -  ...........................................
هو: - نعم هي عشر سنوات بحالها منذ افترقنا ، إنه الزمن يا صديقتي يلعب بنا كما يشاء . .
هي: -  .....................................................
هو: - نعم أنا معك ، إرادتنا حرة ولكن إلى حد ما ، وبعدها يكون للمقادير اليد الطولى في تحديد مساراتنا ، ألم يقل الشاعر، - وأعتقد أن اسمه ابن فارس اللغوي -:
     مشيناها خُطىً كُتبت علينا     ومن كُتبت عليه خُطىً مشاها
هي: - ..................................................
هو: - كنت أظن ذلك ، كنت أعتقد أن لا شيء يحدُّ الإرادة ، لكن الأيام والليالي علمتني غير  ذلك . هذا ليس مهماً ، المهم ما هي أخبارك وأحوالك ؟.
هي:.................................................................................
هو: - عظيم . .
هي:....................................................................................
هو: - عظيم ثم ماذا بعد ذلك . .
هي:................................................................................................................................................................................................................................................................
هو: - مستحيل ، لا تقولي هذا . .
هي: ............................................................
هو: - ببساطة لأننا تواعدنا أن نكون لبعضنا مهما طال الزمن.
هي:..........................................................................
هو: - كلا ، والله لم أهرب من وعودي لك ، فأنت تعلمين أن عمي كان قد توفي يومها في   كندا ، وكنت وريثه الوحيد ، وكان لابد أن أسافر إلى هناك على عجل لكي أنهي معاملات الإرث ، لقد كان رحمه الله غنياً إلى الحد الذي استغرق حصر تركته وقتاً طويلاً ، شركات وأملاك تعب في جمعها على مدار ثلاثين سنة أو يزيد ، دون أن يرزق بولد يرث عنه كل ذلك ، فآل كل شيء إليّ بإرادة الله ، ألم أقل لك إنه الزمن الذي يلعب لعبته بمهارة وحذق  . .
هي:......................................
هو: - كلا ، أكيد لم يستغرق ذلك كل تلك السنوات العشر ، ولكنه الزمن يا عزيزتي أصبح يأكل أعمارنا بالجملة ، أصبح يغرف منها بالشهور والسنوات بعد أن كان يقنع منها بالأيام  والأسابيع ، العمر فقد البركة يا عزيزتي ، فقد البركة كباقي الأشياء، ولكن كيف هي عائلتك ؟
هي:......................................................................................
هو: - رائع ، ربنا يحميهم لك لتقر عينك بهم ، والوضع المادي ، ، فهمت أنه جيد والحمد لله .
هي:..............................................................................................................................
هو: - وهل تشاركين زوجك في إدارة أعماله ؟
هي:......................................................................................
هو: - يا الله ، ومتى كان ذلك ؟
هي:....................................
هو: - رحمة الله عليه والبقية في حياتك وحياة الأولاد ، ، وكل هذه الفترة وأنت تخوضين هذا النضال المرير لجعل أعماله التي تعب في تأسيسها تستمر بنفس النشاط والنجاح ؟ .
هي:.................................................................................................................................................

هو: - أنت تستحقين كل شيء جميل في هذه الحياة لأنك تشعين جمالاً على كل ما يحيط بك ، هكذا كنت ، وهكذا سوف تبقين .
هي:.............................................
هو: - والله ليست مجاملة ، ، لك أن تعلمي أنك كنت معي في غربتي على الدوام ، طيلة تلك السنوات لم يكن لي سوى عملي طوال النهار ، والتفكير بك طوال الليل ، طيفك هو الذي كان يؤنس قسوة غربتي ويخفف وحشة وحدتي ، والله لقد كنت معي على الدوام طيلة تلك السنوات الطوال .
هي:..................................................
هو: - كلا بل أنا في رحلة استجمام ، ، ولا أُخفيكِ ، قصدت منها قبل كل شيء البحث عنك بعد الوجد والتعب الذي عانيت منه منذ غيابك عني ، ، غير أن الأمور لم تسر على ما يرام ، ، فبعد وصولي بأيام شعرت بآلام شديدة في أسفل الظهر، فراجعت طبيباً حوّلني إلى مستشفىً تخصصي ، ، وأرجو ألا يشغل هذا بالك ، فأنا أكلمك الآن من هناك ، من المستشفى .
هي:........................................................
هو: - لا ، لا ، لا بأس لا بأس ، رجاء لا تشغلي بالك بهذا الأمر ، فأنا على ما يرام ، ( يتابع بيأس ) على الأقل حتى الآن .
هي:.........................................................
هو: - لا ، لا أعتقد أن العلاج بالأدوية سوف يؤدي إلى الشفاء ، لا بد من العملية الجراحية وهي كما يقول الأطباء معقدة إلى حد ما ، عن إذنك لحظة واحدة ، ، ( لا يغلق لاقط الهاتف ) ويتابع : أهلاً دكتور مساء الخير، هل حُلَّتْ مشكلة ترتيب دفع أجرة العملية والمستشفى ؟ . . . ولكن يا دكتور أنا دَرَجتُ على استعمال هذه البطاقة حول العالم دون أية مشاكل ، فلماذا ترفضون قبولها ، وكيف لي أن أنتظر تحويل مبلغ العشرين ألف دولار من كندا متحملاً مخاطر الانهيار الصحي ، هل حياة الناس مزحة في بلدكم  يا دكتور ، ، ألا ترى أنك تهدد حياتي بالإصرار على استلام المبلغ قبل إجراء العملية ، يا أخي إجرِ لِيَ العملية  واحتجزني في المستشفى إلى حين وصول المبلغ ، ، هذا ليس بالمبلغ الباهظ لقاء إنقاذ حياة إنسان . .
هي:.........................................................................
هو: - كلا ، كلا ، لا تشغلي بالك دعيني أحاول إقناع الدكتور ، ، أرجوك يا دكتور حاول مع إدارة المستشفى . . . . . . . . إذاً لا حل سوى بدفع المبلغ ، شكراً جزيلاً لكم يا دكتور على هذا الاستهتار بحياة الناس . ( بانكسار واضح يتابع . . ) لا عليكِ ، لا عليكِ ، سوف أتدبر أمري وأحاول تأمين المبلغ ، ولكن من أين ؟ من أين ؟ .
هي:.................................................................
هو: - مستحيل ، مستحيل ، بعد كل هذا البِعاد أجيء إليك اليوم لكي أحمّلك دفع هذا المبلغ من أجلي ، ، لا ، أبداً لن أرضى بذلك
هي:....................................................................
هو: - مستحيل ، مستحيل ، ،
هي:...................................................................
هو: - حَسَنٌ إذاً ، ، لكن بشرط أن تأخذي مني شيكاً بالمبلغ أو إيصال أمانة أيهما تفضلين .
هي:..................................................................
هو: - عفواً سيدتي ، هكذا يقول الشرع والقانون والمنطق ، هذه حقوق الناس ولا يمكن الاستهتار بها أبداً ، أنا أفترض أسوأ النتائج : ما ذا لو مت أثناء العملية الجراحية ، ما الذي سيحفظ لك حقك ؟ إن لم تقبلي بأخذ الشيك أو إيصال الأمانة فأنا أعتذر بشدة عن قبول المبلغ منك مهما تكن النتيجة .
هي:................................................................
هو: - حسن ، لأجل عينيك سوف أقبل أن أستدين مبلغ العشرين ألف دولار منك ، فقط لأنني أريد أن يكون هذا مؤشراً حقيقياً على عودة علاقتنا الرائعة التي حكم عليها الزمن بالقطيعة عشر سنوات كاملة ، عشر سنوات كانت قاسية على قلبي ، يا ملكة قلبي قبل أن تكوني ملكة الكلية . 
هي:..................................................................
هو: - حاضر سيدتي ، فقط لمكانتك الكبيرة عندي ، واعذري صراحتي ، ، بسبب الحب الكبير الذي ما زلت أحمله لك في قلبي ، لأجمل ملكة في الكلية ، ، ، ولكن أين هو عنوانك حتى أحضر إليك فوراً لاستلام المبلغ ، إن كان متوفراً معك الآن ؟ .
هي: - انظر إلى الطاولة التي خلفك ، فإن استقر نظرك مكانه فسوف تراني ، ، يا نصّاب .

          وانسلَّت صحبة صديقتها من المقهى غاضبة ثائرة ، بينما دفن هو رأسه في غياهب  خيبته .

No comments: