Tuesday, December 30, 2014

فشل محتّم

المطالب التي تضمنها مشروع القرار الفلسطيني - بلسان أردني - كان يمكن أن تكون قابلة للتحقق لو كان هناك جيش عربي موحد قوامه مليون جندي، وآلاف الدبابات، ومئات الطائرات يرابط على حدود فلسطين، مهدداً بتحريرها بالقوة إن استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو. أما في الوضع الحالي لدول (الطوق ،هههه) حيث دمر الدكتاتوريون العرب البلاد والعباد، وحيث وقعت الدول العربية معاهدات استسلام مع إسرائيل وتقيم معها علاقات دبلوماسية حميمة، ويطير طيران إسرائيل المدني من خلال معظم الأجواء العربية، فالمشروع الفلسطيني يصلح فقط لأنه يبلّه أبو مازن بالماء، ويعصر عليه ليمونة، ثم يشربه على الريق، عله يشحنه بقليل من الوطنية والشرف والحياء.
نقطة أخرى: طالما أن الفلسطينيين لا يتمكنون حتى الآن من تقديم المشروع إلى مجلس الأمن إلا من خلال المندوبة الأردنية في الأمم المتحدة، وذلك بعد عقود من التظاهر بكيان فلسطيني مستقل، فلماذا طالبت منظمة التحرير الفلسطينية - سابقاً - بأن تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين وهي تعلم أنها أقل من ذلك بكثير؟، ولماذا لم تقبل قيادتها ببقاء الضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، ومن ضمن مسؤولياتها لاستعادتها؟.

Saturday, December 20, 2014

الثورة التي ليس فيها دم، ليست ثورة

صديق جزائري كان يقول لي: الثورة التي ليس فيها دم، ليست ثورة.
في ليبيا، فرغم أن القذافي المقبور قد سُحق، إلا أن أولاده الذين احتكروا ليبيا مع أبيهم الدكتاتور، ما يزالون بالأموال التي سرقوها من الشعب الليبي، يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فهم قد استقدموا التافه المتقاعد خليفة حفتر، الذي مكث في الولايات المتحدة عشرين عاماً، لأن يأتي اليوم بمساعدة نظام السيسي لكي يهاجم الثوار الليبيين من شرق ليبيا، أما أموال أبناء القذافي، فهي تحرك اليوم خمس دول أفريقية مما يطلق عليها (دول الساحل:موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو) لكي تدعو إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربة الثورة الليبية، ولا شك أن التحالف الذي يحارب داعش السنية في العراق هذه الأيام مستعد لكي يمد نشاطه إلى ليبيا لمحاربة السنة فيها كي يعود أبناء القذافي المقبور إلى حكمها، تماماً كما عاد رعيل مبارك والحزب الوطني في مصر بعد إجهاض ثورة يناير المصرية. 
صدق صديقي الجزائري عندما قال: الثورة التي ليس فيها دم، ليست ثورة. 

Thursday, December 18, 2014

المهزلة مستمرة

يبدو أن مهزلة أوسلو، التي أصابت القضية الفلسطينية في مقتل، والتي وقعت بليل، مازالت مستمرة إلى اليوم. فالمفاوضات حول مشروع طلب إنشاء الدولة والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود أراضي 67 ما زالت بعيدة عن أنظار الشعب الفلسطيني، فهي حكر على الأربعة الذهبيين! من الشعب الفلسطيني، وكأنه ليس هناك سواهم: (محمود عباس الذي انتهت ولايته، ورياض المالكي وزير خارجية اللادولة، وصائب عريقات عرّاب التفاوض الفاشل لربع قرن، وماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية، ومفتاح التنسيق الأمني مع الإسرائيليين). أما باقي فصائل اليسار واليمين والوسط، فيبدو أنها رضيت برواتب سلطة أوسلو، فأقعت وخمدت أنفاسها، بينما أربعة فقط من الذين برعوا في التخابر مع الإسرائيليين، ومن الذين تكلست قلوبهم وعقولهم وإراداتهم، فباعوا أنفسهم لمؤامرة تنفي وجود الشعب الفلسطيني، هم الذين يقودون التفاوض، أي أن إسرائيل في المحصلة تفاوض نفسها بنفسها. مثلاً هل سيقبل هؤلاء بمنطقة أبو ديس عاصمة لفلسطين بديلاً عن القدس؟، لم لا، وهذا أقصى طموحهم، هذا إن استطاعوا أن يحققوه، وبعد أن يوقع هؤلاء الفرسان! على قيام دولة فلسطينية مسخ عاصمتها أبو ديس، هل سوف يطلق عليهم المؤرخون مصطلح (عصابة الأربعة)؟. لا شك في ذلك.
 أما من يراهن على انتفاضة فلسطينية ثالثة، فهو كمن يراهن على قيام الموتى من قبورهم. هل سيكون هذا القول حافزاً لقيام الانتفاضة الثالثة؟، هذا ما قصدته.

Wednesday, December 17, 2014

الأمر سيّان: أصحى، أم استمر في الشخير

هل صحيح القول:(أن تصحو متأخراً، خير من أن تبقى نائماً إلى الأبد؟):
الضمير الأمريكي صحى اليوم لكي يعترف بأن العقوبات التي فرضت على كوبا منذ نصف قرن لم تكن مجدية لأمريكا، بل إنها ساهمت في إيذاء الشعب الكوبي. وقياساً على ذلك، فإنه بعد نصف قرن من الآن سوف يصحو الضمير الأمريكي، فتعترف الإدارة الأمريكية بأن جرائمها في العراق، وتخليها عن إنصاف الشعب السوري - كونها عقيد الحارة وشرطي العالم - قد أدت إلى قتل ملايين السوريين والعراقيين، وتشريد ملايين أكثر منهم. إذن لا فائدة من الضمير الأمريكي أن يصحو  متأخراً، حيث لا تكون منه فائدة ترجى: أصحى، أم استمر ممعناً في الشخير.

مع الدكتور حسن نافعة

رسالة وضعتها على صفحة الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، تعليقاً على مقابلته اليوم على فضائية البي بي سي:

تحياتي: تابعت اليوم لقاءك مع البي بي سي العربي، وقد عجبت لذكرك سببين للانقلاب على الشرعية في مصر. أما بخصوص السبب الأول وهو تحصين الدكتور محمد مرسي لقراراته، فقد كان أمراً ضرورياً لتصويب الانحراف والفساد الذي ضرب مؤسسة القضاء المصري منذ حادثة دنشواي 1906 حتى اليوم (وهو التصويب الذي يقوم به أردوغان في تركيا)، وفي هذا الأمر لن أناقشك كثيراً.
 أما السبب الثاني الذي ذكرته سيادتك فهو تأييد الدكتور مرسي لـ (الإرهاب) في سوريا، أي أنك أدرجت الثورة السورية في خانة الإرهاب، وهذا لعمري ختل وخلل في أسلوب التفكير الذي ينم عن جهل مطبق بالوضع السوري، فقد تجاهلت سيادتك الوضع الذي كان يعيشه الشعب السوري لخمسة عقود منذ انقلاب البعث في مارس 1963تحت نظام دكتاتوري لم يشهد له التاريخ مثيلاً، خاصة في زمن الأب والابن، ولو كان لمحمد مرسي ميزة وفضل فهو تأييده الثورة السورية، لأنك بعلمك الغزير تعلم أن إسرائيل لم تتنفس الصعداء إلا عندما تم فصل الوحدة السورية المصرية عام 1961 بمال سعودي عفن، ولو أنك أنصفت لذكرت ما قاله الدكتور محمد مرسي في الاستاد الرياضي عندما قال: (ولا ننسى أننا كنا وسوريا دولة واحدة)، ولا شك أن سيادتك تدرك مدى وقع هذه العبارة على إسرائيل، لأنها بالتأكيد فهمت من هذه العبارة توجهاً وحدوياً من الرئيس مرسي مع سوريا، لذا كان بديهياً أن يتحرك الجيش المصري المحكوم بقيادة عميلة حافظت على اتفاقية كامب ديفيد 1979 لعقود طويلة - كما يحافظ الجاسوس محمود عباس على اتفاقية أوسلو 1993، وبشار الأسد على اتفاقية فصل القوات 1974، ومؤخراً حزب الله والقرار 1701 واليونيفيل 2006 -، لذا لطفاً: لا تحدثني عن إرهاب الإخوان المسلمين، وقد رأيت بنفسك مهاجمة قصر الاتحادية بالمولوتوف، وتخريب ونهب مقرات حزب الحرية والعدالة، ولو كان الإخوان إرهابيين لسلّحوا أتباعهم ولقتلوا آلاف المصريين، تماماً كما فعل البعثيون في سوريا عام 1964 عندما أنشأوا ميليشيا الحرس القومي. ألا ترى معي سيادتك بأن الهجمة على الإخوان من جميع الدكتاتوريات العربية، وخاصة تصنيفها من قبل السعودية وباقي دول الخليج على أنها حركة إرهابية، هي وسام على صدر هذه الحركة؟.
أنا أحترم علمك الغزير، لكن ربما غابت عنك أشياء كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري، فإن أشكل عليك أمر، فدرجتك العلمية تدعوك إلى السؤال عما أشكل عليك.
جميع ما ذكرته سابقاً أدرجه ضمن الاحترام الكامل لشخصك الكريم، وعلمك الغزير. 
تحياتي.


--   

Tuesday, December 16, 2014

الفصل بين الهواء والهواء

قطعاً لا أخالف الرأي حباً في المناكفة، بل لأنني أرى من زاويتي ما لا يرى غيري، فالاشتباك الوهمي الحاصل الآن بين نتنياهو والإدارة الأمريكية ليس سوى للضحك على ذقون العرب، خاصة منهم الفلسطينيين، خاصة منهم سلطة رام الله. فالتوجه الأمريكي للوقوف على الحياد في مجلس الأمن الدولي عند التصويت على مشروع الدولة الفلسطينية، وذلك بالامتناع عن التصويت وعدم استخدام حق الفيتو، ليس سوى إعطاء الذريعة لنتنياهو لكي يضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، ويجعل العالم كله تحت الأمر الواقع، وبذلك يحول جغرافياً دون إقامة دولة فلسطينية، وما الوسطية التي يظهرها اليميني جداً ليبرمان، سوى استكمال لهذه اللعبة المتفق عليها بين نتنياهو والإدارة الأمريكية. وهكذا تبقى القضية الفلسطينية كرة تتقاذفها أقدام الأمريكان والإسرائيليين، ويبقى العرب والفلسطينيون في مقاعد المتفرجين. من يتصور إمكانية الفصل بين السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية، هو نفسه الذي يتصور إمكانية الفصل بين الهواء والهواء.

Monday, December 15, 2014

 شروط إقامة حفل زواج في السعودية:
الترجمة الحرفية لوثيقة حُفِرَت منذ 15 ألف سنة (القرن 150 قبل الميلاد) بيد رجل الكهف الأول على جدران كهفه، وجدت في أحد كهوف منطقة جدة بالسعودية، وقد اعتمدت التوصيات الواردة فيها كشروط ملزمة لكل من يريد إقامة حفلات زواج في بلاد الحرمين الشريفين - أعزها الله - في القرن الحادي والعشرين للميلاد، ههههههههههههههه.
ملاحظة هامة: تم حذف بعض العبارات لدواعٍ أمنية.هههه.

Friday, December 12, 2014

صداقة وهمية

الاستكثار من الخير فيه خير أكثر، لكنها ليست قاعدة، ففي ذلك أحياناً محاذير، فمثلاً أصبح استكثار الأصدقاء عند الفيسبوكيين أمراً أقرب إلى المهزلة منه إلى أي شيء آخر، فقد وقر في ذهن البعض أن عدد الأصدقاء على الفيسبوك هو مؤشر على نوع من التميز، فكلما زاد عدد الأصدقاء عند أحدهم، كلما شعر صاحب الصفحة بأهمية أكثر، دون أن ينتبه إلى أن المستفيد الوحيد من هذا العدد هو شركة الفيس بوك نفسها، وليس أي أحد آخر. ومع كامل الاحترام للأصدقاء الخلّص الذين يساهمون بالتواصل معك على صفحتك سواء بالنقد الإيجابي أو السلبي - لا فرق - فذلك مؤشر على أنهم بالفعل أصدقاؤك الذين لا ينسونك مع مرور الزمن، وتقلب الأيام، أما الكثرة الغالبة ممن تعتبرهم أصدقاء، فهم للأسف مجرد عدد يتباهى به من يتباهى، لكنني لا يمكن أن أقتنع أن اسماً ما في قائمة أصدقائي هو صديق بالفعل ما لم يثبت أنه صديق، فالصداقة ليست مرتبة شرفية تخلعها على من تشاء لكي يصبح صديقاً،،، الصديق الحقيقي هو من يتفاعل معك، فيشعرك أنه بقربك حتى وإن نأت المسافات، فبعدت الشقة، وتطاول العهد.
 ونظراً لأنني - للأسف هنا فقط - قد تخلقت بخلق حسن يمنعني من الإقدام على حذف اسم أي صديق طلب صداقتي، وذلك احتراماً مني لمشاعره، ولأن هذا يعتبر من باب قلة الأدب وضعف الشخصية - في رأيي على الأقل - ، لكن إن كان هناك أي أحد من أصدقائي يشعر بثقل ظلي عليه، وأنني عدد مكمل في قائمة أصدقائه، وأنا لا أقبل لنفسي بذلك، فأرجو من هذا الصديق أن يتكرم عليّ برفع اسمي من قائمته، واعداً إياه أنني لن أعتب عليه أو أتذمر من فعلته، لأنه بهذا يكون قد خدمني خدمة العمر، أنه أزاح عن قلبي وذهني خديعة أنني أملك من الأصدقاء المزيفين أضعاف ما كان يملك قارون من كنوز. 
فضلاً: لا يعتبن أحد علي، فصراحتي قاتلة وقحة في بعض الأحيان.

Wednesday, December 10, 2014

الرئيس البعير

حادثة اغتيال الوزير زياد أبو عين اليوم هي القشة التي قصمت ظهر البعير محمود عباس، فدفعته لكي يوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، بينما لم يكن لمقتل الفلسطينيين بالآلاف، وتدمير منازلهم بعشرات الآلاف في العدوان على غزة، أي وزن على ظهر البعير الرئيس، وها هو اليوم يضحك على ذقون الفلسطينيين بإعلانه أنه أوقف التنسيق الأمني معها، وقد نسي أن يقول أنه أوقف التنسيق الأمني العلني، بينما سيستمر بالتنسيق معها سراً، على عادة الخونة والجواسيس. الفلسطينيون مدعوون منذ زمن بعيد، واليوم على وجه الخصوص، لكي يظهروا للعالم خيارهم: أن يركبهم الرئيس البعير؟، أو يركبوه هم، بل وأن يقطعوا رأسه، فالعالم ينتظر، والتاريخ جاهز لكي يسجل.

ليس عيباً أن يكون حافياً عارياً، لكن العيب أن يكون سفيهاً

الحفاة العراة، الذين تطاولوا في البنيان بعد أن جنوا المليارات من تهريب المخدرات وغسيل الأموال ورعاية الدعارة، يحتفلون في دبي الآن بمهرجان سينمائي للممثلين المصريين بالخصوص، بينما الملايين من اللاجئين السوريين يموتون من الجوع والبرد دون أن نرى موقفاً إنسانياً من هؤلاء السفهاء المتخلفون عقلياً وجسدياً، ومع ذلك ما زلنا نتغنى بكذب صريح بأننا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة!!!. بالمناسبة: أيضاً أمة القردة أمة واحدة.

    

Monday, December 8, 2014

اتقوا الله في استخدام مفردات القرآن الكريم

درج بعض حكام المسلمين على استخدام آيات قرآنية لتبرير تصرفاتهم المشينة، منها على الخصوص ما كان يتم تداوله زمن أنور السادات عندما صالح إسرائيل، فقد وجد من المشايخ من يردد الآية القرآنية التي تقول (وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكل على الله - الأنفال 61 -) دون أن يكلف من استخدمها نفسه عناء فهم معنى كلمة (السَّلم) هنا، أو هو تقصد ذلك لكي يبرر للحاكم خيانته. فكلمة (السَّلم) هنا بالسين المشددة بالفتحة تعني الاستسلام، أي إن استسلم لكم العدو فسالموه، وهي تختلف عن كلمة (السِّلم) والتي تعني السلام:(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السِّلم كافة -البقرة 208 -) أي اتخذوا السلام منهجاً لكم. هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة على الاستخدام الخاطيء لمفردات القرآن الكريم.

Wednesday, December 3, 2014

الحمائم والصقور في إسرائيل صناعة عربية بامتياز

يتباكى العرب من صعود اليمين الإسرائيلي بقيادة ليبرمان وأمثاله، ومنذ زمن :"شارون"، وبتهاوي قوة العرب بعد تدمير العراق، كنت أقول بأن القادم أعظم، ومن سيأتي إلى الحكم في إسرائيل سوف يجعلنا نتذكر أيام شارون وبيريس وبن غوريون بالخير والبركة. الحمائم والصقور في إسرائيل هم صناعة عربية وليست إسرائيلية، والعلاقة النسبية بين العرب قوة أو ضعفاً، وبين من يحكم في إسرائيل هي كالتالي: كلما قوي العرب، قوي جناح الحمائم في إسرائيل، وكلما خنع العرب، كما هم اليوم، قوي جناح الصقور في إسرائيل، ومرة ثانية وأخيرة: الحمائم والصقور في إسرائيل صناعة عربية بامتياز، وليست إسرائيلية.

Monday, December 1, 2014

الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=443718

الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
وسط غبار المعركة الدبلوماسية الجارية الآن على الساحة الدولية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أقل من عشرين بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، وفي هذا الجو المتأزم، لا يسع المرء أن يتخذ موقفاً واضحاً من هذا الأمر، فإن هو عارض قيام هذه الدولة، وجد نفسه أمام تيار جارف لا يتردد في وصف المعارض على أنه في أقل حالاته جاهل، وفي أقصاها عميل للصهيونية والإمبريالية، وهي التهمة الجاهزة لوصف كل من يعارض حتى ولو امتلك الدليل. وإن هو وافق تيار تأييد قيام الدولة، كان كمن يخون نفسه وقضيته، إذ أن هذه الدولة الوهمية سوف تقوم – إن هي قامت – على ما لا يزيد عن عشرين بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، بلا حدود واضحة، وبدون جيش وطني، ليست لها سيطرة على الأجواء، ولا على الحدود - والتي هي مع الأردن فقط - كما أنه ليست لها مياه إقليمية ولا موانيء بحرية ولا مطارات، تقوم على أرضها ما لا يقل عن مئة وستين مستوطنة، تلتهم 10% من أراضي الضفة الغربية، تأوي ما يزيد على الثمانمئة ألف مستوطن مسلحين حتى أسنانهم. هذه الدولة المسخ سوف يكون عليها التنازل عن حق عودة اللاجئين الذين طردوا من فلسطين عام 48، ليس ذلك فحسب، بل إن قيام هذا الكيان الوهمي المسمى "دولة" سوف يهدد مستقبل ومصير فلسطينيي الداخل، فمن ذا الذي سيضمن عدم ترحيلهم إلى دولتهم الوهمية؟، بل إن هناك مئات الأسئلة حول هذا الأمر والتي لن تستطيع سلطة رام الله الإجابة على أي منها، لأنها ببساطة لا تملك فعلاً حقيقياً، بل هي محكومة – شأنها شأن النظام العربي برمته – برد الفعل فحسب. وفي الواقع، لا يعرف المرء إلى أية شرعية تستند السلطة الفلسطينية في قبولها دولة مسخ كالتي يجري الحديث عنها هذه الأيام، ففي البلاد التي تحترم فيها الحكومات شعوبها، تُجرى استفتاءات على بناء مطار أو شق طريق دولية، أما مصير شعب عريق وأرض تاريخية، فلا أحسب أن السلطة مقدمة على إجراء أي استفتاء في هذا الشأن، إذ هي تعلم مسبقاً بأنها لن تستطيع تنفيذ رغبات الشعب الفلسطيني إن هو رفض مشروع الدولة، ثم إن توقع إجراء مثل هذا الاستفتاء هو وهم وسراب، فتوقيع اتفاق أوسلو المهزلة قد تم بليل دون أخذ رأي الشارع الفلسطيني فيه. وإذا كنا قد فقدنا الأمل منذ مدة طويلة بإنجاز محترم تقوم به حركة فتح، صلب سلطة رام الله، والتي تدعي بالقوة تمثيل الشعب الفلسطيني رغماً عن أنفه، فماذا عن اليسار الفلسطيني الذي كان سباقاً في طرح حل الدولة الديمقراطية منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، لكنه تخلى عنه الآن، أو خفت صوته، فتناغم مع القيادة الموصوفة بـ "التاريخية" للشعب الفلسطيني، والتي حل الدمار بالفلسطينيين في ركابها أينما حلت وحيثما وطأت، هذا اليسار الذي مالأ سياسات منظمة التحرير الفلسطينية، فخنع لها، إما ضعفاً لأن التيار الإسلامي قام بتجريف أنصار هذا اليسار، فأفقده شارعه الذي كان يعتمد عليه، وإما لأن المكاسب المادية والرواتب التي يتقاضاها رموزه من اللجنة الرباعية قد اشترت موقفه بأبخس ثمن.
ولعل في مقدمة محاذير الاعتراف بدولة فلسطينية بالشكل الذي يتم الحديث عنه الآن، اعتراف جميع الدول العربية بإسرائيل وفق المبادرة العربية التي أعلنت في مؤتمر القمة في بيروت عام 2002، والتي نصت على اعتراف كامل بإسرائيل في حال انسحابها من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية، غير أن التطورات التي حدثت في دول الجوار مع إسرائيل خلال العقد الماضي من دمار شامل، وتفتيت للدولة المركزية بأجهزتها وجيوشها، يجعل لإسرائيل اليد الطولى في قبول ما يحلو لها، ورفض ما لا يعجبها، أضف إلى ذلك أن النظام العربي المتهالك لا يملك من أمره شيئاً سوى الخلاص من عبء القضية الفلسطينية، وهو العبء الذي تخلص منه جزئياً منذ عام 1974 عندما أقر مؤتمر القمة العربية في الرباط – بدفع هائل من الملك الحسن الثاني - أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مما منح إجازة للنظام العربي من دوره في القضية الفلسطينية، ثم - وعلى يد قيادة فلسطينية منحرفة - تم توقيع اتفاق أوسلو الكارثي، والذي لا يقل في كارثيته عن اتفاق كامب ديفيد،،، "أوسلو" الذي رفع العبء بكامله عن عاتق النظام العربي تجاه ما كان يعرف بـ "قضية العرب الأولى".
أما غبار اعترافات البرلمانات الأوربية الحالية بالدولة الفلسطينية، فأحسب أنه ليس ذا قيمة تذكر، وأنه ليس أكثر من زوبعة في فنجان، ذلك أنه اعتراف من البرلمانات، وغير ملزم للحكومات، ومن جهة ثانية، لا أدري ماذا أفاد اعتراف أكثر من ثمانين دولة بالدولة الفلسطينية في نفس العام الذي أعلنتها فيه منظمة التحرير في الجزائر عام 1988، واعتراف الأربعين دولة الأخرى في الأعوام التي تلت، مما رفع عدد تلك الدول إلى حوالي المئة والثلاثين، فماذا غيَّر ذلك في موقف والولايات المتحدة وإسرائيل، وهي التي ما زالت ترفض الانصياع للقرارات الدولية التي اتخذها مجلس الأمن عبر عشرات السنين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟، أما موقف الإسرائيليين الرافض لموجة الاعترافات الدولية الحالية والسابقة، فأحسب أنه موقف تكتيكي يضحكون به على ذقون العرب والفلسطينيين، يعرفه كل من تابع أساليب الحركة الصهيونية منذ نشأتها، وغالباً ما كنت أردد بأن أقوى أسلحة إسرائيل، حتى من الجيش، هو سلاح علم النفس، إذ أن التوصية باتخاذ مواقف سياسية بناء على آراء مختصين إسرائيليين في علم النفس، خاصة علم نفس العرب، هو الذي منح إسرائيل التفوق دائماً، سواء في المجال السياسي أو العسكري، من ذلك نذكر جيداً أنه عندما أعلنت حركة حماس نيتها الترشح للانتخابات التشريعية، كان موقف شارون الرفض التام لهذا الأمر، مما دفع بالفلسطينيين إلى إعطاء حركة حماس غالبية الأصوات، فانشق الصف الفلسطيني، والآن يعيد الإسرائيليون علينا نفس التمثيلية، فهم يرفضون الاعتراف بدولة فلسطينية، بينما هم في سرهم يرغبون في رؤية الفلسطينيين أنفسهم يلهثون وراء جزرة هذه الدولة الكرتونية، وربما سوف يسمحون لهم بالتهامها في أية لحظة، لأن ذلك ببساطة سوف يكون جواز مرورهم إلى عالم عربي غني بالثروات، غبي بالقيادات.
عند الحديث عن حل الدولتين، غالباً ما كنت أطرح التساؤل التالي: ماذا كان سيتبقى من الجزائر وشعبها لو وافق الجزائريون على حل الدولتين باقتسام بلادهم مع المستوطنين الفرنسيين، بدل الاستقلال التام؟، طبعاً كانت سوف تقوم دولة فرنسية على ساحل البحر المتوسط، تتمتع بخيرات البلاد من أراضٍ خصبة، وموانيء استراتيجية، بينما سينحصر الجزائريون في الجنوب الصحراوي، ويتحولون إلى رعاة أغنام وإبل، أما ثرواتهم من المعادن والنفط والغاز، فلن يكون بإمكانهم استغلالها وتصديرها إلا عبر شركات فرنسية، وعندها كان الجزائريون سيرددون ( وكأنك يا بو زيد ما غزيت)، ولكانت تضحياتهم وتضحيات أجدادهم على مدى أقل قليلاً من القرن والنصف، ستذهب أدراج الرياح: هذا هو مصير الفلسطينيين إن هم قبلوا بحل الدولتين. ولعل هناك سائل يسأل: إذن ما هو الحل الآن؟، أقول: قيام دولة واحدة ديمقراطية للشعبين، يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق والواجبات، أما تسمية الدولة، فلا أعتقد أنه يشكل فرقاً على المولود العبقري إن كان اسمه عبد الله أو كان اسمه كوهين، وأحسب أن ما لاقاه الفلسطينيون من إهمال العرب لهم ولقضيتهم على مدى العقود الستة الماضية، كفيل بأن يدفعهم إلى التعايش مع الإسرائيليين، هذا إن كان لدى الإسرائيليين القدرة على اغتنام الفرصة بتحقيق مصالحة تاريخية حقيقية، لكن الواقع اليوم يؤكد عدم وجود نية لدى الإسرائيليين لتحقيق هذه المصالحة، فالمشروع الذي وافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بشأن يهودية الدولة، والذي سوف يقدم إلى الكنيست لإقراره، هدفه الأساسي ليس تأكيد يهودية الدولة، فهذا ما أكده بيان إعلان استقلال الدولة! يوم 14 مايو 1948، وأعيد تأكيده في قانون الهجرة، بل إن هدفه الرئيسي على ما يبدو هو استباق المطالبة بدولة واحدة للشعبين على غرار دولة جنوب أفريقيا، والذي هو الحل الوحيد الباقي في يد الفلسطينيين، لكن بإقرار قانون يهودية الدولة الآن، يتبخر هذا الحل، وتستقل دولة فلسطين على الورق، بدون أرضٍ فلسطينية.
كتبت ذات مرة أن لذكاء الحمير مستويات، فهنالك من الحمير من هو ذكي، ومن هو متوسط الذكاء، ومن هو غبي، وأحسب أن الحمار الفلسطيني الذي يلهث الآن وراء جزرة الدولة هو من النوع الأخير، لكنني، وحتى لا أجر عليَّ غضب أنصار ذلك الحمار، ولأنه حتى الحمار الغبي يمكن أن يدرك في لحظة ما حيلة من ضحك عليه إذا طال المسير، لذا علي أن أعتذر عن وصفه بالحمار، وأستبدله بوصفه على أنه كثور الساقية، ذاك الذي يدور في مكانه دون كلل أو ملل، في حلقة مفرغة ليس لها آخر.

23 نوفمبر 2014 

المواطن السوري: مجرد رقم.

عندما يتحول السوري إلى رقم، مجرد رقم، تشعر بأن الإنسانية قد انحطت إلى درك أسفل من الوحشية والتخلف البربري. العميد مدير فرع المخابرات 215 يأمر بقتل 131 معتقلاً سورياً بعد تفشي وباء الطاعون المعوي بينهم، والذي تتسبب فيه الجرذان نظراً لقذارة السجن واكتظاظه بالمعتقلين، ولم يرد في التقرير ذكر لأسماء المغدورين، فيكفي أن يصبحوا أرقاماً تضاف إلى أرقام مئات آلاف القتلى السوريين في سجون الأسدين. نفهم أن يكون بشار الأسد مجرماً حتى ولو قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً، لكن من غير المفهوم أن يستمر البعض الجاهل في تأييد جرائم هكذا نظام تتضاءل أمامه جرائم النازية والفاشية، هؤلاء لا شك أنهم أكثر حقارة وإجراماً من بشار الأسد المجرم، وأبيه من قبله الخائن المجرم. مهزلة وأية مهزلة: أن يصبح السوريون مجرد أرقام فقط في نظر نظام حقير.