Thursday, February 27, 2014

دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإرسال مساعدات عن طريق الجو للمحاصرين في سوريا

Please sign this petition sent to the secretary General of the UN to send humanitarian aids to the civilian under siege in Syria by planes with the UN flag to be air dropped to the needy people. 
الإخوة الكرام:
أرجو التكرم بالتوقيع على هذه الحملة التي أطلقتها اليوم موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، لإرسال مساعدات غذائية عاجلة إلى المحاصرين في سوريا على متن طائرات تحمل علم الأمم المتحدة لإلقائها من الجو، بحيث يضع النظام السوري نفسه في مواجهة الأمم المتحدة إن هو تعرض لهذه الطائرات.

Tuesday, February 25, 2014

في مصر: هل يمكن تفادي الكارثة قبل وقوعها؟

في مصر: هل يمكن تفادي الكارثة قبل وقوعها؟
عندما أوصى الرسول ص المسلمين أن (تكاثروا فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة) كان يفترض بأن هؤلاء المسلمين سوف يُحكمون من قبل حكام يخشون الله في الرعية، ويمتثلون للحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، ولا ينسون وصية الخليفة الأول أبي بكر الصديق (إذا أصبت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني)، وسيسيرون سيرة الخطاب عندما كان يطوف ليلاً متخفياً يتفقد بنفسه أحوال الرعية. هذا ما كان الرسول الكريم يتوقعه من حكام المسلمين عندما أمر عامتهم بالتكاثر كي يباهي بهم الأمم يوم القيامة، غير أن فساد أنظمة الحكم في جل البلاد العربية والإسلامية جعل من الزيادة السكانية لدى العرب والمسلمين عبئاً تنوء بحمله الجبال، وتسقط تحت وطأته الحكومات والدول، فتفشت الأمية، وانتشر المرض، وضعفت الأمة، وتكالب عليها أعداؤها، فعلت الأصوات منادية بتحديد النسل، وتداعى علماء الاجتماع لإقناع الناس بالتوقف عن الإنجاب، غير أن العامة استمروا متمسكين بالحديث الشريف الذي يحض المسلمين على التكاثر، حتى ولو رأوا أطفالهم يموتون من الجوع.
الذي استدعى هذه المقدمة ذلك الرقم المريع الذي أعلنته السلطات المصرية مؤخراً عن عدد السكان في مصر، والذي بلغ يوم السبت الماضي 94 مليون نسمة، بينما كان عددهم في العام 1800 لا يتجاوز 2.5 مليون نسمة، وفي العام 1882، العام الذي احتلت فيه بريطانيا مصر، كان عددهم 6.5 مليون نسمة. ولعقد مقارنة توضح الأمر أكثر، نقفز في الزمن إلى العام 1958، عام الوحدة بين مصر وسوريا، لنذكر أن سكان مصر بلغ عددهم آنذاك 20 مليون نسمة، بينما كان عدد سكان سوريا 5 ملايين نسمة، أي أنه في خلال حوالي الخمسين سنة الأخيرة زاد عدد الشعبين بنسبة خمسة أضعاف، ولو قارنا نسبة الأرض المزروعة أو القابلة للاستصلاح في كلي البلدين، لوجدناها في سوريا، التي تبلغ مساحتها حوالي 184 الف كم مربع، أكبر بكثير من تلك الموجودة في مصر التي تبلغ مساحتها مليون كم مربع، إذ أن مساحة وادي النيل والدلتا لا تزيد عن نسبة 4% من مساحة مصر الكلية، أي حوال 33 ألف كم مربع يعيش فيها الآن ما يزيد على 93.8 مليون نسمة ، بكثافة تقل قليلاً عن 3 آلاف نسمة في كل كم مربع، بينما تبلغ مساحة سيناء حوالي 60 الف كم مربع ، أي حوالي 6% من مساحة مصر، (أي ثلث مساحة سوريا)، ولا يزيد عدد سكانها على 160 ألف نسمة، أي بكثافة تبلغ حوالي 3 أشخاص فقط في الكم المربع، وبحسب توقعات الزيادة في عدد السكان، والذي تبلغ نسبته في مصر 2% سنوياً، فإن عدد السكان سوف يبلغ حوالي 150 مليون نسمة بحلول العام 2050 (ولو أخذنا حجم الزيادة خلال الخمسين سنة الماضية والذي بلغ حوالي 500% كمعيار، فهل نتصور أن عدد سكان مصر سيكون بعد خمسين سنة حوالي 450 مليون نسمة. إنه رقم مريع بالفعل)، وهذا يعني باختصار أن مصر مقبلة على كارثة اقتصادية اجتماعية إنسانية مدمرة خلال النصف القرن القادم من الزمن، ومنذ أربعين سنة حذر مسؤولون مصريون كبار من خطر الانفجار السكاني، ونقل عن عبد العزيز حجازي، الذي تولى رئاسة الوزراء في مصر بين عامي 74-75 ، قوله أن (الزيادة السكانية في مصر هي الصخرة التي تتحطم عليها كل مشاريع التنمية في البلاد). 
 ولأن الجغرافيا تعمل عملها بحرية مطلقة تحسدها عليها شعوب العالم الثالث المضطهدة، فقد أحاطت هذه الجغرافيا مصر من جنوبها وغربها بصحارٍ وجبال جرداء قاسية، ومن شمالها بالبحر الأبيض المتوسط، بينما تركت لها بوابتها البرية الوحيدة في جهة الشرق: شبه جزيرة سيناء. ولكي تعوضَ الجغرافيا مصرَ عن هذه القسوة، منحتها نهرَ النيل الذي كان وما يزال شريان الحياة الوحيد للمصريين، والذي على ضفتيه بنوا حضارتهم العظيمة. ولأن سيناء هي البوابة البرية الوحيدة لمصر من جهة الشرق، فقد كانت المعبر الذي مر من خلاله كل من أراد غزو البلاد من تلك الجهة، ومن خلال نفس البوابة عبرت جيوش الفرعون المصري شرقاً لكي تقاتل جيوش إمبراطوريات بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، لذا كانت سيناء على الدوام مفتاح الأمان أحياناً ومصدر الخطر أحياناً أخرى، للدولة المصرية، طبعاً إضافة إلى بوابتها البحرية على المتوسط.
بالعودة إلى موضوع الانفجار السكاني وضيق المساحة الصالحة للزراعة، فقد انصب اهتمام الدولة المصرية منذ فجر تاريخها على الاستفادة القصوى من مياه النيل، ومن أجل ذلك شقَّت له قبل دخول مياهه إلى البحر المتوسط أفرعاً سبعة لكي تروي جميع مناطق الدلتا (لم يبق منها الآن سوى الفرعين الرئيسيين: دمياط ورشيد)، وعندما بنت الثورة المصرية السد العالي في أسوان، كانت النية متجهة – بالإضافة إلى إنتاج الكهرباء - إلى زيادة رقعة المساحة المزروعة، ليس في الوادي والدلتا فحسب، بل في سيناء أيضاً عن طريق جر مياه النيل إليها، ولكن قبل أن يكتمل بناء السد العالي عام 1970، اكتملت حلقة التآمر العربية-الأمريكية- الإسرائيلية على مصر، فكانت حرب 1967 والتي انتهت باحتلال الجولان والضفة الغربية وسيناء، ومع اكتمال بناء السد العالي، انتقل عبد الناصر إلى رحمة الله، لكي يأتي السادات من بعده فيغير مسيرة مصر القومية 180 درجة. ورغم ادعاءات النصر الكاذبة في حرب أكتوبر 1973، فقد خسرت مصر السيطرة الفعلية على شبه جزيرة سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد (1979). أما أهمية سيناء لمصر، فمنذ فترة مبكرة لفت الباحثون والمفكرون العرب والمصريون الأنظار إلى ضرورة إعمار سيناء للتخفيف من الضغط السكاني على الوادي والدلتا، وكان في مقدمة هؤلاء العلماء الجغرافي المصري العالمي جمال حمدان (1928-1993) الذي أفرد في موسوعته الشهيرة المعنونة (شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان) فصلاً مطولاً عن شبه جزيرة سيناء، شارحاً الإمكانات الهائلة التي تزخر بها من مياه جوفيه وبترول وغاز ومعادن مثل الحديد والزنك والرصاص والنحاس والمنجنيز والفوسفات والكوبالت والفحم الحجري والرخام ومئات المعادن غيرها، وكان هذا الجغرافي العبقري  متفائلاً بعد حرب أكتوبر – ربما مأخوذاً بادعاءات النصر الفارغة التي كان يروجها إعلام نظام السادات - بحتمية إعمار سيناء واستغلال ثرواتها الهائلة، لكن السياسة المصرية في عهد حسني مبارك - كنز إسرائيل الاستراتيجي -، والذي امتد ثلاثين عاماً، أفشلت جميع المحاولات والخطط التي وضعها مسؤولون مصريون كبار، ومنهم رئيس الوزراء كمال الجنزوري، لإعمار سيناء واستغلال ثرواتها الهائلة، فبقيت مصر عاجزة عن التحكم بواحد من أهم أقاليمها وأغناها، وبدل أن تصبح سيناء طوق نجاة لمصر، أصبحت خنجراً مغروساً في خاصرتها بسبب ظهور عصابات تهريب المخدرات والأسلحة، والتي تحولت إلى بؤر للإرهاب بسبب فقدان سيطرة الدولة على أمن شبه الجزيرة.
ولو عدنا إلى الكارثة التي تنتظرها مصر خلال العقود الخمسة القادمة، لوجدنا أن المخرج الوحيد منها هو إطلاق إعمار سيناء بكل ما أوتيت البلاد من قوة، فمن المعروف أن التجمعات البشرية على شكل مدن ومحطات حضرية تنشأ على أطراف المصادر الطبيعية كالمناجم وحقول البترول والغاز، وأمثلة نشوء مدن مأهولة بكافة مرافقها في صحراء الربع الخالي وصحاري المغرب العربي وغيرها من الأقاليم القاسية مناخياً، أمثلة تكاد لا تحصى، وسيناء التي يزخر باطن أرضها بما قيمته التريليونات من الدولارات جديرة بأن تلفت إليها انتباه الدولة المصرية بدل انقسام فسطاط عمرو بن العاص إلى فسطاطين، وبدل المراوحة بين الدين والدنيا بمزاودات سياسية تافهة مصدرها الطمع في السلطة والثروة، فبينما فقراء مصر يزدادون عدداً وفقراً، فإن باطن أرضهم يحسدهم عليه أغنى أغنياء العالم، أولئك الذين يعرفون ما في باطن تلك الأرض من ثروات. وربما سيكون للزيادة الهائلة في عدد السكان مع عدم اتخاذ قرار يدفع الشباب المصري باتجاه سيناء لإعمارها، عدد من النتائج المأساوية، كارتفاع نسبة الجريمة، والفساد الإداري، والاضطراب الاجتماعي، وانتشار ظاهرة الإرهاب والبلطجة، والتفسخ الأسري، وحدوث المجاعات، وانتشار الأمراض والأوبئة التي تهدد أرواح الملايين من المصريين. زيادة عدد السكان في الدول الواعية المحترمة يعني ازدياد الانتاجية والدخل، وارتفاع نسبة الرفاهية في المجتمع، أما لدى الأنظمة الفاسدة المتخلفة، فتعني الإمعان في البؤس والشقاء.
إلى جانب فوائده الاقتصادية، يبدو إعمار سيناء، من الناحية الأمنية والاستراتيجية ، درعاً يحمي مصر من الشرق، فهي البوابة التي يطرقها كل غازٍ يطمع في احتلال مصر وتهديد أمنها القومي، فبناء عشر مدن في سيناء حول مراكز المناجم يقطنها خمسة ملايين مصري، واستصلاح مساحة من الأراضي الزراعية لخمسة ملايين آخرين، عن طريق توسيع ترعة السلام الحالية التي تحمل مياه النيل إلى سيناء، وحفر الآبار الجوفية وغيرها من مشاريع التطوير، ستكون جميعها الصخرة البشرية والاقتصادية التي ستتحطم عليها أحلام إسرائيل في العودة إلى تهديد مصر من الشرق، ولو جرؤتُ على اقتراح الحلول الكفيلة بدرء الكارثة قبل وقوعها، لبادرت إلى القول بأنه على الدولة المصرية أن تصل إلى حالة من القوة تؤهلها لكسر تابو الحدود العربية، وبما أن غربها وجنوبها يتشكل من صحارٍ طبيعتها أقسى من طبيعة سيناء، ربما سيكون عليها، في حال اشتداد حبل الأزمة السكانية حول عنقها، اجتياح الأراضي الفلسطينية (إسرائيل) وما وراءها لو استطاعت، من أجل إيجاد مجال حيوي يستوعب الزيادة الهائلة المتوقعة في السكان، هذا ما لم تتكون لدى الأنظمة العربية الحاكمة في المنطقة الإرادة الحرة لتحقيق وحدة عربية طوعية ينتقل فيها الفرد العربي من أرض عربية إلى أخرى دون حواجز وعراقيل (نذكر أنه كان في العراق قبل الغزوة العربية – الأمريكية له عام 2003 ما يقرب من خمسة ملايين مصري، كانوا يعيلون ما لا يقل عن عشرين مليوناً من أفراد أسرهم في الوطن)، وإذ يبدو اقتراح استخدام القوة هذا ضرباً من الخيال والوهم، إلا أن التاريخ يثبت أنه كان، في بعض الحالات، الحل الوحيد لاستيعاب زيادة سكانية وصلت حداً يقرب من الجنون.
على مصر أن تتوسع شرقاً نحو شبه جزيرة سيناء وحتى ما وراءها، وإلا انفجرت قنبلتها السكانية، فدمرت البلاد والعباد.
23 فبراير 2014






Monday, February 24, 2014

النظام الديمقراطي العربي التافه

إبراهيم درويش: 
- هل هو عربي؟، 
بالتأكيد، واضح من اسمه.
- هل هو مسلم؟: 
على الأرجح.
- مع أي حزب سياسي عربي يعمل؟: 
أبداً، ولا مع أي حزب سياسي عربي.
- إذن ما معنى إيراد اسمه هنا؟: 
فقط لكي نعرف أن المواطن العربي لا يمكن أن يحصل على قيمته كإنسان محترم على أرض بلاده. إبراهيم درويش يا سادة يعمل مستشاراً للحزب الوطني الأوكراني المعارض. مرة ثانية: مستشاراً للحزب الوطني الأوكراني المعارض، فهل بعد هذه الإهانة من إهانة يمكن أن يوجهها الإخوة! الأوكرانيون إلى النظام الديمقراطي العربي التافه؟؟؟؟.


-- 

 
 

Saturday, February 22, 2014

هل كذب من قال (الدين لله والوطن للجميع)؟

هل كذب من قال (الدين لله والوطن للجميع)؟
رغم أنني لا أملك حساباً على تويتر، غير أن صحبي يتهمومنني بأنني (أغرد) خارج السرب، وذلك بسبب المواضيع التي أتطرق إليها عندما يلح علي قلمي أن أكتب، ورغم أنني لا أنجو في معظم الأحيان من نقد يتراوح بين العتب، واللوم حد التعنيف، إلا أن طبيعتي التي تدفعني إلى ارتياد مواضيع يتحرج من التطرق إليها غيري، هذه الطبيعة هي المسؤولة حتماً عن حرماني من ثقة بعض من أحب وأحترم، وأجزم صادقاً أنني في هذه (الشطحات) التي أتهم بارتكابها، لا أقصد أن (أخالف فأعرف)، إذ من السهل أن يعرف المرء دون أن يخالف، غير أن ارتياد جملة من الآراء والمواقف، والتي أصبحت بمرور الأيام مقدسات لا يجب الاقتراب منها، يحمل في طياته – وهذا من طبيعة الأمور – خطر سوء الفهم أو تقصد إساءته، وفي الحالتين احتمال تعرض من يجرؤ على إخضاع هذه الآراء للنقاش والمجادلة إلى التشكيك في نواياه الطيبة حداً هو وسط ما بين الجهل والتخوين.
(شطحة) اليوم تتعلق بمناقشة ازدواجية المعايير عند الغالبية العظمى من الشعب العربي، وهي كثيرة لا تكاد تحصى، أخص منها بالذكر العلاقة بين الغالبية المسلمة والأقلية المسيحية، فعند مناقشة هذه العلاقة، تبادر الأغلبية إلى التشدق بوجود المساواة والمحبة بين أبناء الوطن الواحد الذين يجمعهم أصل عرقي مشترك ولغة واحدة وتاريخ واحد، لا فرق بين مسيحي ومسلم، فالجميع إخوة. هذا الكلام نظرياً موجود وصحيح، أما على أرض الواقع، فالتمييز لصالح الأكثرية على حساب الأقلية أوضح من أن ينكره حتى فاقد البصر، وبمجرد الخوض في هذا الحديث، يتنطح البعض لكي يذكرنا بمسيرة الشيخ فارس الخوري وكيف أنه، مع أنه مسيحي بروتستانتي لبناني المولد، فقد وصل إلى مناصب رفيعة في الدولة السورية أثناء الانتداب الفرنسي وعقب الاستقلال، ومنها رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الوزراء عدة مرات، وكذلك تمثيل سوريا في الأمم المتحدة، وكأنه لم يوجد في تاريخ سوريا مسيحي واحد يستحق المساواة سوى مسيحي واحد هو المرحوم الشيخ فارس الخوري، إذ أليس من الغريب ألا يتسلم أحد المسيحيين السوريين غيره وبعده مثل هذه المناصب؟.
ولو عدنا بإنصاف إلى تاريخ العرب المسيحيين في الجزيرة العربية، لوجدنا أن قبائل عربية كثيرة، منها إياد وتميم وحنيفة، كانت تدين بالمسيحية قبل ظهور الدعوة الإسلامية في مكة، ويدل تاريخ قريش على قيام علاقات وثيقة بينها وبين مسيحيي الجزيرة العربية، حتى أن بعض هؤلاء المسيحيين العرب تسلم مناصب دينية رفيعة في مكة، ومنهم زيد بن عدوان التميمي، الذي ولته قريش شؤون (الإفاضة ) إلى منى بعد نحر الهدي الذي كان يهدى في الجاهلية إلى الأصنام الموجودة حول الكعبة، وقصة الملك اليهودي ذو نواس، الذي حفر الخندق وألقى فيه بالمسيحيين في نجران، ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة البروج (قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)، فانظر إلى وما صف الله تعالى به مسيحيي نجران بأنهم (المؤمنين) وأن ذو نواس، ملك نجران اليهودي، انتقم منهم لأنهم آمنوا بالله العزيز الحميد، وقصة مسيحيي نجران عندما وفدوا على مسجد الرسول ص في المدينة وحان وقت صلاتهم، طلب منهم ص أن ينتحوا في جانب من مسجده ليقيموا صلاتهم، وعندما هرب المسلمون الأوائل من بني جلدتهم من قريش، طلب منهم نبيهم ص أن يلجأوا في الهجرتين الأولى والثانية إلى نجاشي الحبشة المسيحي لأنه (ملك لا يظلم عنده أحد). هذا في الجزيرة العربية، أما في بلاد الشام، فلا شك أن أجدادنا العرب الأوائل هناك، والذين كانوا إما يهوداً أو وثنيين، دخل قسم كبير منهم في المسيحية، وكان اشتراكهم مع الرومان في الدين سبباً للتقريب بين الجانبين، لكن عندما وفد أبناء عمومتهم العرب المسلمون من الجزيرة العربية، لم يجد الجانبان صعوبة في الاندماج والتفاهم، خاصة وأن المسلمين الأوائل كانوا يتبعون وصية خليفتهم الأول أبي بكر الصديق بعدم التعرض للمرأة والطفل والشيخ والمتعبد في صومعته، وعندما قام الأمويون بتعريب الدواوين، كان المسيحيون العرب في بلاد الشام هم ساعدهم الأيمن في ذلك، وبالتالي فإن لمسيحيي بلاد الشام، في العروبة والمواطنة، أسبقية على العرب الذين جاؤوا مع الفتح الإسلامي.
هذا العرض السريع لسيرة مسيحيي المشرق أكثر من كافية للتدليل على أن حقهم في الوطن والمواطنة لا ينازع، وكل من ينازعهم فيه إما جاهل لم يقرأ التاريخ، أو أحمق متعصب.
ربما جرني إلى هذا الموضوع استشراف ما ينبغي أن تكون عليه سوريا بعد انتصار شعبها على التسلط والدكتاتورية التي دامت نصف قرن من الزمان، ذاق خلالها المسلمون والمسيحيون مرارة العيش تحت سلطة نظام أحمق، وربما كان من أبسط حقوق المسيحيين السوريين، والذي لا جدال فيه ولا منة، هو أن تفتح أمامهم الطريق واسعة لتسلم أي منصب حكومي حسب الكفاءة والمقدرة، من رئاسة الدولة إلى رئاسة الوزراء، نزولاً إلى وزارة الدفاع وقيادة الجيش ورئاسة الأركان. هو حمق ما بعده حمق أن يعطى المسيحيون حقوقهم بالعبارات الرنانة فقط، بينما يحظر عليهم الوصول إلى أي منصب رفيع في الدولة، وإذا كان المرحوم الشيخ فارس الخوري قد أخذ حقه كاملاً كمواطن سوري، فإن هناك في مسيحيي الشام عشرات الآلاف أمثال فارس الخوري، وتمنياتي على من سيتولى حكم سوريا مستقبلاً أن يفتح المجال أمام جميع السوريين للترشح لجميع المناصب بغض النظر عن الدين، بل بحسب الكفاءة، وكفانا تشدقاً بالشعار القائل (الدين لله والوطن للجميع)، هذا الشعار الذي فقد معناه على أرض الواقع. كما أنه ليس في منع المسيحيين من الترشح لرئاسة الدولة السورية انتقاص من حقهم فقط، بل هو انتقاص كذلك من حق الذين يؤيدون هذا الحق، والذين يرغبون في انتخاب رئيس مسيحي لسوريا، وأنا منهم، فهل هناك أفضل من جورج صبرا أو ميشيل كيلو أو غيرهما من أسماء الإخوة المسيحيين الوطنيين السوريين، وهم كثر، لتسلم هذا المنصب الرفيع، وهل بهذا تعود سوريا  إلى احترامها بين الأمم، فعندما وصل فارس الخوري إلى رئاسة الحكومة السورية، كتبت الصحف عن ذلك يومئذ:( وإن مجيئه إلى رئاسة الوزراء، وهو مسيحي بروتستانتي، يشكل سابقة في تاريخ سوريا الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رئيس غير مسلم، مما يدل على ما بلغته سوريا من النضج القومي، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة "المقصود شكري القوتلي" من حكمة وجدارة).
 فهل ستخيب سوريا ظننا، فتثبت أنها كانت منذ سبعين سنة أكثر نضجاً وقومية ووعياً مما هي عليه الآن؟.
21 فبراير 2014

Wednesday, February 19, 2014

أمران أحدهما مرٌّ

أمران أحدهما مرٌّ
يحاول النظام السوري هذه الأيام أن يلعب لعبة من ألاعيبه القذرة بهدف إنهاء الثورة العارمة ضده، وذلك عن طريق إبرام هدنات مؤقتة مع بعض المناطق السورية التي حاصرها شهوراً عديدة، وقصفها بجميع أنواع الأسلحة، وأوصل فيها السكان إلى أكل النباتات البرية ولحوم القطط والكلاب والجيف، وحتى الموت جوعاً. واضح أن النظام مدفوع إلى هذه الهدنة بسببين:
1-    عزل الجيش الحر عن حاضنته الشعبية التي أمنته لها الجماهير على مدى الثلاث سنوات الماضية، عمر الثورة، متظاهراً برغبته في تضميد جراح الناس وأمعاءهم، وإنقاذهم! من الإرهابيين، فقط مقابل رفع علم النظام على أعلى مكان، بدون أية ضمانة أنه لن يعود إلى القصف والقتل، وأنه سوف لن يعتقل جميع الذكور ما بين سن الرابعة وسن المئة، مستغلاً ما لاقاه الناس عبر ثلاث سنوات من المجازر،هذا من ناحية.
2-    ، ومن ناحية ثانية، فإن فشل مؤتمر جنيف والرغبة الأمريكية في دعم المعارضة المسلحة قد أقنعت النظام التعيس بالتوقف عن غيه والإمعان في قتل الشعب، وهو النظام الذي حفل تاريخه بالجبن والتخاذل أمام أي ضغط خارجي – طبعاً باستثناء شعبه - (مثلاً: ضغط إسرائيل عليه بتسليم مرتفعات الجولان، أو احتلال دمشق وإنهاء حكم حزب البعث، وضغط تركيا عليه لطرد عبد الله أوجلان، والضغط الأمريكي لطرد عدي وقصي، ابني صدام حسين، من سوريا بعد أن لجآ إليها، وفراره من لبنان خلال 24 ساعة بعد اتهامه باغتيال رفيق الحريري، والموافقة على تسليم السلاح الكيميائي بمجرد وصول بارجة حربية أمريكية على بعد آلاف الأميال، وغير ذلك كثير).
من البديهي أنه أحمق من يرفض وقف القتال، وتوفير دماء الناس وأرواحهم وكراماتهم، لكن الأكثر حمقاً هو من يقبل أن يفلت المجرم من العقاب، وأن يستمر أحمق مأفون في منصب رئاسة البلاد، بل والترشح لها مرة ثالثة، مستفيداً من اليأس الذي ران على قلوب الناس بسبب طول مدة الثورة، وعنف النظام، وقبل ذلك الخذلان الذي يشعر به السوريون من قبل العالم بأسره: عربه وشرقه وغربه.
أمام السوريين الآن واحد من طريقين: إما الصمود إلى النهاية، وعدم إيقاف الثورة قبل زوال النظام المجرم مهما بلغت التضحيات، أو توقف الثورة، ومن ثم العودة إلى تحت نعال النظام والمرشد الأعلى وحزب الله وقيصر روسيا. أمران ليس أحلاهما مرٌّ كما يقال، بل أحدهما حلو، والآخر مر.

فبراير 19 2014