Wednesday, February 19, 2014

أمران أحدهما مرٌّ

أمران أحدهما مرٌّ
يحاول النظام السوري هذه الأيام أن يلعب لعبة من ألاعيبه القذرة بهدف إنهاء الثورة العارمة ضده، وذلك عن طريق إبرام هدنات مؤقتة مع بعض المناطق السورية التي حاصرها شهوراً عديدة، وقصفها بجميع أنواع الأسلحة، وأوصل فيها السكان إلى أكل النباتات البرية ولحوم القطط والكلاب والجيف، وحتى الموت جوعاً. واضح أن النظام مدفوع إلى هذه الهدنة بسببين:
1-    عزل الجيش الحر عن حاضنته الشعبية التي أمنته لها الجماهير على مدى الثلاث سنوات الماضية، عمر الثورة، متظاهراً برغبته في تضميد جراح الناس وأمعاءهم، وإنقاذهم! من الإرهابيين، فقط مقابل رفع علم النظام على أعلى مكان، بدون أية ضمانة أنه لن يعود إلى القصف والقتل، وأنه سوف لن يعتقل جميع الذكور ما بين سن الرابعة وسن المئة، مستغلاً ما لاقاه الناس عبر ثلاث سنوات من المجازر،هذا من ناحية.
2-    ، ومن ناحية ثانية، فإن فشل مؤتمر جنيف والرغبة الأمريكية في دعم المعارضة المسلحة قد أقنعت النظام التعيس بالتوقف عن غيه والإمعان في قتل الشعب، وهو النظام الذي حفل تاريخه بالجبن والتخاذل أمام أي ضغط خارجي – طبعاً باستثناء شعبه - (مثلاً: ضغط إسرائيل عليه بتسليم مرتفعات الجولان، أو احتلال دمشق وإنهاء حكم حزب البعث، وضغط تركيا عليه لطرد عبد الله أوجلان، والضغط الأمريكي لطرد عدي وقصي، ابني صدام حسين، من سوريا بعد أن لجآ إليها، وفراره من لبنان خلال 24 ساعة بعد اتهامه باغتيال رفيق الحريري، والموافقة على تسليم السلاح الكيميائي بمجرد وصول بارجة حربية أمريكية على بعد آلاف الأميال، وغير ذلك كثير).
من البديهي أنه أحمق من يرفض وقف القتال، وتوفير دماء الناس وأرواحهم وكراماتهم، لكن الأكثر حمقاً هو من يقبل أن يفلت المجرم من العقاب، وأن يستمر أحمق مأفون في منصب رئاسة البلاد، بل والترشح لها مرة ثالثة، مستفيداً من اليأس الذي ران على قلوب الناس بسبب طول مدة الثورة، وعنف النظام، وقبل ذلك الخذلان الذي يشعر به السوريون من قبل العالم بأسره: عربه وشرقه وغربه.
أمام السوريين الآن واحد من طريقين: إما الصمود إلى النهاية، وعدم إيقاف الثورة قبل زوال النظام المجرم مهما بلغت التضحيات، أو توقف الثورة، ومن ثم العودة إلى تحت نعال النظام والمرشد الأعلى وحزب الله وقيصر روسيا. أمران ليس أحلاهما مرٌّ كما يقال، بل أحدهما حلو، والآخر مر.

فبراير 19 2014

No comments: