Sunday, October 6, 2013

أمة العبقريات

أمة العبقريات
عندما أتحدث عن العبقرية العربية واستحقاقها بجدارة دخول كتاب جينيس في أكثر من مجال، يحسب الناس أنني أستهزيء بهذه الأمة العظيمة وأستهين بقدراتها، وأنا لست كذلك.
منذ عدة أيام توفي الرفيق الجنرال "جياب"، وزير الدفاع الفييتنامي السابق عن عمر ناهز المئة عام، وهو الذي مرغ سمعة فرنسا العسكرية في الوحل، وأسقط نفوذها في جنوب شرق آسيا عندما احتل بمعجزة مذهلة قلعة (بيان يان فو) عام 1954، آخر معقل لفرنسا هناك، تلك الهزيمة التي كانت دافعاً هاماً للجزائريين للقيام بثورتهم على فرنسا في نفس العام، ثم بعد ذلك مرغ السمعة العسكرية الأمريكية في الطين والوحل عندما دخلت قواته (سايجون) عاصمة فييتنام الجنوبية سابقاً، وهرب الأمريكان وعملاؤهم من الفييتناميين الجنوبيين عن سطح السفارة الأمريكية في 8 مايو 1975، مما أدب العسكرية الأمريكية، وغرس في نفسية الشعب الأمريكي عقدة الهزيمة، والتي لم يشف منها إلا عام 2003 عندما غزت الولايات المتحدة العراق. لذلك اعتبر هذا الجنرال العظيم في صفوف القادة العظام في الحروب العالمية أمثال رومل ومونتغمري وماك آرثر، وأضيف من عندي، مع الاحترام لمشاعر المسلمين، وخالد بن الوليد.
هذا الجنرال لم يعتل أي منصب حكومي بعد كل ما قدمه لبلاده من انتصارات مذهلة على أعدائها، وخرج من وزارة الدفاع الفييتنامية بكل هدوء وسلاسة لكي يتفرغ لزراعة شتلات الأرز في مزرعته الصغيرة المتكئة على تلة صغيرة مدرّجة، والتي منها كان يجلس لكي يطل على أرض بلاده التي ضحى شعبها بالملايين لكي تتحرر.
عندنا، أهل الإبداع والعبقرية، يفشل وزير دفاع عربي في حرب خسر فيها من أرض بلاده ما يزيد على الألفي كم مربع، على جبهة كانت من أمنع جبهات العالم العسكرية، كونها جدار من الجبال التي تطل على مواقع العدو من عل، ورغم ذلك، وبدلاً من أن يحاكم،  فقد كوفيء هذا الوزير الفاشل برئاسة الدولة لمدة ثلاثين عاماً، ثم غادر إلى السماء تاركاً البلاد تركة لورثته. فأي إبداع وأية عبقرية تتمتع بها هذه الأمة الخائبة، التي لا تضاهيها أمة من الأمم في خنوعها وفشلها، لكن حتى الإبداع في الخيبة والفشل يبقى إبداعاً تحسدنا عليه جميع قردة العالم.
رحمة الله على واحد فقط من هذين الوزيرين.
(ملاحظة هامة: سؤال لأسيادنا المشايخ الكرام: هل يجوز قراءة الفاتحة على روح الجنرال جياب؟).
6 أكتوبر 2013