Thursday, January 29, 2015

غباء اليسار الفلسطيني المتطرف

في الوقت الذي يطمح فيه عرب الداخل في فلسطين إلى تكوين جبهة واحدة تضم جميع أطيافهم الحزبية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في الانتخابات القادمة في إسرائيل، وذلك للمساهمة في إسقاط حزب نتنياهو في الانتخابات البرلمانية، ولتحسين أوضاع الفلسطينيين على أرضهم، في هذا الوقت يرفض الناشط السياسي الفلسطيني السيد أسامة المصري، الذي يصف نفسه بأنه لا ديني، أي ملحد، يرفض الانضمام إلى جبهة سياسية تضم الإسلاميين فيمن تضم، وسوف يصوت ضد الدخول في تحالف مع أولئك الإسلاميين في الانتخابات الإسرائيلية القادمة. 
مرة ثانية يثبت اليسار العلماني المتطرف الفلسطيني، الذي يرفض التوجه الديني لمواطنيه، يثبت غباءه السياسي، ويفضل التفكك بديلاً عن الوحدة أمام التحديات الإسرائيلية. تهمة لا يقدر العرب الفلسطينيون اليساريون جداً على نفيها، إذ ربما يطمع هذا اليسار الغبي في كسب أصوات الشيوعيين اليهود، متناسياً أن هؤلاء رغم مشاركته إلحاده، إلا أنهم - على عكسه - يقدمون مصلحة إسرائيل على عقائدهم السياسية.

Tuesday, January 27, 2015

من قدّم الناس، أخّروه

جمعتني الصدفة عن طريق صديق بصديق له كان يعمل مديراً في نادٍ للسيارات في دولة عربية. فوجئت بالرجل يعلق خلف مكتبه لوحة كبيرة، مكتوبة بالخط الكوفي المتقن، تحمل عبارة (من قدّم الناس، أخّروه)، ولما أبديت امتعاضي من هذا الشعار الذي علقه على الجدار، كان اعتراضه على امتعاضي بأنه في تلك اللوحة لخّص تجربة طويلة له مع الناس، وعنده أن الذين كان يقدم لهم الاحترام والتقدير، كانوا يردون عليه بالإهمال والجفاء واللامبالاة، ففي حين كان يواصل الاتصال الهاتفي بهم، لم يكن يسمع منهم إلا نادراً، ورغم أنه كان يقيم لهم الولائم الفخمة، فلم يكن يرى منهم سوى التجاهل والإنكار، فقرر في النهاية تلخيص هذه التجربة في تلك العبارة، التي كان ينصح كل من يزوره أن يعمل بها.
لم أقتنع فيما قاله المحترم سوى أن ما ذكره ربما ينطبق على بعض الناس وليس عليهم جميعاً، ففي الحكم القطعي على جميع الناس ظلم للبعض الذي لا يمكن إنكار تواصله، وبالتالي استحقاق التقدير والاستثناء من هذه القاعدة الهمجية، وبعد أخذ ورد، وافق صديق صديقي على إضافة كلمة واحدة إلى تلك الحكمة، لتصبح منطقية، فبعد أسبوع زرته مرة ثانية، فرأيت تلك اللوحة وقد عدلت على النحو التالي:( من قدّم بعض الناس، أخّروه)، وهكذا أعادت إضافة كلمة واحدة إلى الجملة الأمور إلى منطقيتها وصوابها.  

Monday, January 26, 2015

قرعة، وتتباهى بشعر ابنة خالتها

من الأمثال العربية المعروفة:( قرعة، وتتباهى بشعر ابنة خالتها).
ما استدعى هذا المثل هي الفرحة العارمة التي غمرت نفوس اليساريين العرب بفوز اليسار السياسي في الانتخابات اليونانية، هذا الفوز الذي اعتبره بعض اليساريين العرب وكأنه قيامة لينين من قبره، وعودة الرايات الحمر ذات المطرقة والمنجل لكي ترفرف على البيت الأبيض وقصر بيكنغهام، وربما مكة المكرمة، وفات هؤلاء اليساريين العرب أن موقفهم من العامل الديني في العالم الإسلامي قد أفقدهم الشارع، والذي تشكل جماهيره صلب مشروعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مع الاعتراف القطعي بأن مشروعهم الاقتصادي في العدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع، مشروع محترم، ومطلب جماهيري بامتياز، لكن المشكلة عندهم وفيهم أن سيطرة فكرة إلغاء الدين، وحتى إلغاء الاعتراف بوجود الله، ما زالت تتحكم في أذهانهم وعلى ألسنتهم.
ما أقوله ليس نفياً لمشروعية نضال اليسار العربي، أو إنكاراً لعدالة مشروعه، لكنه محاولة مني للفت الانتباه إلى مقتل أصاب قضيتهم، وعطل حركتهم، لكنهم للأسف ما زالوا مصرين على البقاء على الخطأ.

Sunday, January 25, 2015

الكوميديا العربية السوداء

النظام العربي مشهد كاريكاتوري لن يقدر على رسمه حتى ولا المرحوم ناجي العلي:
1- في العراق: طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، محكوم بالإعدام وهارب خارج البلاد.
2- في الكويت: ولي العهد السابق سعد العبد الله عزل عن ولاية العهد لأنه كان عاجزاً عن الكلام لتأدية يمين القسم أمام مجلس النواب، والأمير الحالي يلدغ في جميع أحرف اللغة العربية، ولا اعتراض على ما خلق الله. 
3- في الأمارات العربية المتحدة: احتجب رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (رابع أغنى ملك في العالم 15 مليار دولار) منذ فترة بعيدة (الزهايمر أو أي شيء مشابه)، وينوب عنه ولي عهده محمد بن زايد.
4- في السعودية: الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز لا يحسن القراءة، وربما الكتابة، ويعاني من الألزهايمر، فمنذ فترة وجيزة حمَّلَ وفداً ليبيا تحياته إلى الأخ العقيد معمر القذافي.
5- في اليمن: أجبر الرئيس عبد الهادي منصور على الاستقالة، ويبقى اليمن بلا رئيس  إلى أجل غير مسمى.
6- في لبنان، كاليمن، غير مسموح أن يكون له رئيس.
7- في ليبيا: لا رئيس، ولا أمل على المدى المنظور أن يكون لها رئيس.
8- في الجزائر: رئيس لا يريد الخروج من قصر الرئاسة إلا إلى القبر، وعلى كرسي متحرك.
9- في الصومال: رئيسها حسن شيخ محمود، لم يستقبله رسمياً خارج بلاده سوى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
10- في سوريا رئيس يقصف شعبه بكافة أنواع الأسلحة، ويدمر مدن وبلدات وقرى البلاد استعداداً لتحرير فلسطين،ههه.
11- في مصر عبد الفتاح السيسي خطيب ألمعي يؤكد أنه يؤيد كل ما يغضب الله.
لو نسيت ذكر أي دولة عربية، بإمكان القراء إضافتها.
وعليه: هل يستطيع، حتى المرحوم ناجي العلي، أن يرسم هذه الكوميديا العربية السوداء؟.

Saturday, January 17, 2015

حتى أنت يا (بابوا)؟

بفضل اضطهاد النظام العربي لشعبه عن طريق النظم الدكتاتورية ذات السجون والمعتقلات الرهيبة، والقصف بكافة أنواع الأسلحة، اضطر الناس إلى الهرب من أوطانهم، والتفتيش عن دول تقبل بتواجدهم على أراضيها كهاربين من الاضطهاد والعسف، وليت الأمر وقف عند هذا الحد وتمت الهجرة، بل أصبحت بلدان لا يعلم الكثيرون - وأنا منهم - أين تقع إلا بعد الرجوع إلى جوجل إيرث، هذه البلدان المجهولة بدأت باضطهاد اللاجئين العرب، وحصرهم في مراكز لجوء مسورة بالأسلاك الشائكة. فآخر الأنباء تقول بأن أستراليا رفضت دخول مهاجرين عرباً وصلوا إلى سواحلها على متن زوارق متهالكة، ورحلتهم إلى الدولة المجاورة (بابوا غينيا الجديدة)، التي تقع على مسافة 200 كم شمال القارة الأسترالية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل رفض البابوابيون - سكان بابوا - تواجد هؤلاء المهاجرين حتى داخل مراكز الاحتجاز، بل وقاموا بمهاجمتهم داخل تلك المراكز وقتلوا أحدهم، كما اضطر بعض المهاجرين إلى محاولة الانتحار تخلصاً من هذا الوضع المزري الذي ألجأهم إليه نظام عربي سفيه متهالك، لا توجد في قواميس اللغة مفردات ازدراء تفيه حقه من الوصف. 
حتى أنت يا (بابوا)؟.

Friday, January 16, 2015

عنجهية فرنسية فارغة


لئن أنت نظرت اليوم في مرآتك الخلفية وأنت تقود سيارة الزمن، فلسوف ترى أن حادث صحيفة "شارل إيبدو" الذي وقع الأسبوع الماضي في باريس، قد ضاع وتلاشى في غبار صيحات الحرب التي نضح بها خطاب الرئيس الفرنسي "أولاند" هذا اليوم – الأربعاء – من على متن حاملة الطائرات "شارل ديغول" في ميناء تولوز، ولم يكن ينقص الرئيس الفرنسي سوى ارتداء ملابس رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، وأن يتأبط مدفعاً رشاشاً، بينما كان يكيل التهديدات يميناً وشمالاً، من موريتانيا إلى الخليج العربي، مروراً بباقي دول الساحل (النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو)، فما قاله أولاند بكل هذه العنجهية يصب في صالح أصحاب نظرية - وفي رأيي قانون - المؤامرة. فحين تردد بعد الحادث الإرهابي في باريس أن الأمر قد حيك بليل، وبفعل استخباراتي محض، كما قيل سابقاً عن أحداث 11 سبتمبر 2001، كان الكثيرون – وأنا منهم –  يرفضون تلك الترهات، ويعزونها إلى ضعف في التفكير وقصور في الفهم، لكن خطاب الحرب الناري الذي ألقاه الرئيس الفرنسي هذا اليوم يؤكد الكثير من الشكوك التي ثارت حول ما يجري هذه الأيام في فرنسا، بل والعالم الغربي بأسره، من تحريض ضد المسلمين، وتجييش الجيوش للقضاء على "الإرهاب" المزعوم، ذاك الذي تبدو أصابع المستفيدين من نتائجه غيرَ بعيدة عن حياكته.
من المؤكد أن فرنسا تجدد رغبتها هذه الأيام في العودة بقوة إلى الساحة الدولية، فلو عدنا إلى التاريخ البعيد، لوجدنا أن دعوات الحروب الصليبية قد انطلقت أول ما انطلقت من فرنسا، لكنها مع باقي الدول الصليبية أُرغمت على الجلاء عن بلاد الشام بعد حوالي المئتي سنة، بعد أن خلفت فيها الدمار والبؤس، ولو قفزنا إلى التاريخ القريب، لرأينا فرنسا وقد جُدع أنفها في حرب فييتنام الأولى على يد الجنرال "جياب" عام 1954، لكي يقطع ذيلها، هي وبريطانيا، بعد عامين فقط في حرب السويس 1956 على يد عبد الناصر، فتخرج من الشرق الأوسط لكي تحل مكانها الولايات المتحدة، ثم ليُقصم وسطها بعد ست سنوات في الجزائر بدماء ثوار جبهة التحرير، عندما أرغمت على الجلاء عن بلاد استعمرتها باستيطان وقح، ودعاوٍ غبية، لمدة 132 عاماً. هذه الهزائم، مضافاً إليها احتلال باريس مرتين على يد الألمان في الحربين العالميتين الأولى والثانية (قيل على سبيل التهكم بأن قوس النصر في باريس بناه الألمان لكي يدخلوا باريس من تحته كلما عنً لهم ذلك)، جميع ما ذكر ولَّد في لا وعي الفرنسيين مركب نقص لم يكن لينفك إلا بالعودة إلى الساحة الدولية. وربما وجدت فرنسا سبيلها إلى ذلك في مسارعتها إلى تلبية دعوات رأس محور الشر – الإدارة الأمريكية – في طلباتها المتكررة لتشكيل تحالفات عسكرية وسياسية واقتصادية للتصدي لأنظمة الحكم الوطنية، كما في غزو العراق 2003، أو لمحاربة ما تطلق عليه "الإرهاب"، وهو العنف الذي ولدته الولايات المتحدة في سجنها في غوانتانامو، والذي نما وترعرع في سجون الأنظمة العربية التي رعتها أمريكا في العراق وسوريا وليبيا والسعودية، والتي كانت ترسل إليها المشتبه بهم للتعذيب على أيدي جلادي أجهزة مخابرات تلك الدول، ثم من خلال اختراق استخباراتي خبيث لصفوف الناقمين على سياسات الغرب، وهم كثر، للقيام بعمليات مثل تلك التي وقعت الأسبوع الماضي في باريس، لكي تؤخذ ذريعة لارتداء الخوذات، وتأبط الرشاشات، وإرسال حاملات الطائرات وآلاف الجنود. هي دائرة الإرهاب المفرغة التي لا يمكن الخروج منها، ببساطة: لأنها البوابة الوحيدة التي تسمح للدول الاستعمارية بالعودة إلى منطقة غادرتها منذ أكثر من نصف قرن رغم أنفها، كما أنها العذر الوحيد لها لدعم أنظمة شرق أوسطية دكتاتورية بحجة أنها تحارب الإرهاب، كما في سوريا ومصر، حيث انشرح صدر نظامي ذينك البلدين بعد حادث باريس، واطمأنا إلى أنهما قد أصبحا حليفين قويين في صف الدول الغربية التي تحارب "الإرهاب"، وربما فات النظامين في سوريا ومصر أن الموقف الأوربي الحالي بمتابعة واعتقال من يشتبه فيهم بالعمل داخل الجماعات التي تقاتل في مصر وسوريا، ينفي تهمة تآمر الغرب على تلك الدكتاتوريات، بل ويثبت بشكل قاطع أن الجميع يقفون في صف واحد ضد تطلعات شعوب الربيع العربي، الطامحة إلى الخروج من تحت نعال الدكتاتورية. فبدل الجنوح إلى معالجة جذور الإرهاب، والتقرب من أماني الشعوب، نرى الغرب يسير في اتجاه معاكس، ولن نكون بعيدين عن الحقيقية إن قلنا بأن تتبع خيوط التاريخ العربي المعاصر، تقود حتماً إلى حقيقة أن القضية الفلسطينية وزرع إسرائيل في هذه المنطقة ودعمها المطلق، هي الجذور الحقيقية لما يسمونه "الإرهاب"، فهل يستطيع العربي أن ينسى اسم المدفع الرشاش الفرنسي (هوشكيز) في حرب 1948،وطائرتي (الميستير) و (الميراج) الفرنسيتين، واللتين كانتا ذراع إسرائيل وعنوان تفوقها وانتصارها في حروبها ضد العرب في حربي 1956 و 1967 على التوالي، وهل بلغ بنا الشرود لكي ننسى أن المفاعل النووي الإسرائيلي في "ديمونا" هو صناعة فرنسية.
في الثاني من مايو، أيار، عام 2003، ألقى الرئيس الأمريكي المجرم "جورج بوش" ، بعنجية الكاوبوي، خطاباً من على متن حاملة الطائرات "ابراهام لينكولن" أعلن فيه انتهاء العمليات العسكرية في العراق، والتي لم تنته حتى الآن، وبعنجهية الفارس الصليبي ألقى الرئيس الفرنسي "أولاند" خطابه الناري اليوم من على متن حاملة الطائرات "شارل ديغول"، ولو أضفنا إلى هذه العنجهية الفرنسية الفارغة التي عبر عنها خطاب "أولاند" وجرائمَها في جميع مستعمراتها عبر البحار، وأَنَفَتُها التي منعتها حتى من الاعتذار عن قتل ملايين الضحايا الذين أبادتهم، كل هذا يوحي بأن فرنسا مقبلة على كارثة هائلة، ربما تبدو معها هجمات الحادي عشر من سبتمبر نزهة ربيعية ممتعة في حديقة "سنترال بارك" في نيويورك.    

  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450652

لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني


مشكلة الكتابة في الظروف الحرجة، كما هي الحال هذه الأيام، سرعان ما تصنف على أنها "مع" أو "ضد"، بينما يكون المقصود منها فقط التوصيف بشواهد حية من التاريخ والتجربة الإنسانية، وليس قطعاً الوقوف "مع" أو "ضد"..
 فقضية الإرهاب التي نعيش تطوراتها وتفاعلاتها هذه الأيام، لا بد أن الكتابة فيها تصنف كما أوردناه إعلاه، فإن أنت صمت، فكأنك توافق على الإرهاب، وإن أنت ماحكت، اتهمك البعض بأنك مماليء للغرب فيما يقوم به من اضطهاد لبلاد المسلمين بجيوشه الجرارة، وأسلحته الفتاكة، وعليه فالمهمة أمامك شاقة وعسيرة، وحمّالة أوجه عديدة، لذا ينبغي أن تؤخذ من قبل القاريء بتروٍّ وحكمة، لا بفهم متسرع وخاطيء.
فعلاقة الشرق بالغرب، والتي امتدت لقرون طويلة من الزمن، لا شك كونت الجذور العميقة للعلاقة بين الطرفين، واللذين يشاء التاريخ الإنساني أن يكونا مصنفين دينياً على أنهما الشرق المسلم، والغرب المسيحي. ولو أنصفنا لقلنا بأن رجال الدين القائمين على هذين الدينين السماويين، من شيوخ وقساوسة، هم المسؤولون عما يجنيه أتباعهما من تشوش في العلاقة، وضبابية في الرؤية، في القديم وهذه الأيام، إذ لم يستطع كلا الطرفين أن يشرح نفسه للطرف الآخر بحيث يزيل شبهات التناقض بينهما، فيقضي على أسباب الخلاف. ففي حين اعترف المسلم بالمسيحية لكنه أبدى رفضه لممارساتها، فإن المسيحي رفض الاعتراف بالإسلام بشكل قطعي وكامل، وبالتالي رفض كل ما بدر من أتباعه، وكان لكل منهما حججه ومنطلقاته. وربما التقط أصحاب المصالح الدنيوية في الطرفين هذا التباين، فاتخذوه وسيلة لمعاداة الطرف الآخر، فمن جهة غزا المسلمون بلاداً كان يحكمها المسيحيون، واستقروا فيها، ومن جهة بادر المسيحيون الغربيون إلى تجييش الجيوش الجرارة للعودة إلى البلاد التي كانوا فيها، حيث لم يقبل الغربيون بواقع أن المسيح عليه السلام من نسل يعقوب، وُلِد على أرض عربية تاريخياً منذ عهد الفينيقيين والكنعانيين وما تلاهم من أقوام تعود أصولهم إلى جزيرة العرب والعراق، فكانت الحروب الصليبية التي قدر لها أن تستمر حوالي المئتي سنة (1099 – 1192)، وهي الفترة التي كانت فيها الحضارة العربية الإسلامية تشع على الغرب، بحيث قيل بأن أبناء الأسر المالكة الأوربية كانوا يُرسَلون إلى جامعات الأندلس لكي يتلقوا تعليمهم هناك، كما يقال أن مهندساً أندلسياً هو الذي قام بتصميم بناء أول جسر على نهر التيمز في لندن (طبعاً مع التخلف الحالي للعرب والمسلمين تبدو هذه المقولة نكتة سمجة)، لكن بتراجع العالم الإسلامي حضارياً، يقابله مد حضاري على الجانب الآخر، ونشوء الثورة الصناعية الأوربية الحديثة في منتصف القرن الثامن عشر، والتي أدت إلى موجة الاستعمار الحديث، تقودها الشركات التي كانت تبحث عن مواد خام وأسواق لتصريف بضائعها، فخضعت معظم دول العالم العربي والإسلامي – كما باقي دول الجنوب - للاستعمار الأوربي المباشر، مدعوماً بجيوش جرارة وترسانة هائلة من الأسلحة، لكن واحدة من المفارقات الطريفة أن معظم جنود هذه الدول الاستعمارية كانوا من شعوب المستعمرات، ففي الحرب العالمية الأولى أبلى الجنود البريطانيون من شعوب القارة الهندية بلاء حسناً في احتلال العراق، كذلك فعل الجنود الفرنسيون من السنغال والمغرب العربي في احتلال سوريا بعد طرد العثمانيين منها، وربما كانت وعود المستعمرين لرعاياهم في المستعمرات بالاستقلال بعد انتهاء كل حرب خاضوها إلى جانبهم، واحدة من الأسباب التي نزعت الثقة بين الطرفين، والتي كانت مهزوزة في الأساس، فمثلاً قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى، وَعَدَ الحلفاءُ الشريفَ حسين بدولة عربية مستقلة على أنقاض دولة بني عثمان، لكنهم في نفس الوقت كانوا يتآمرون لاقتسام بلاد الشام والعراق، ثم احتلت جيوش البريطانيين العراق والأردن وفلسطين، واحتل الفرنسيون سوريا ولبنان، أما قبيل الحرب العالمية الثانية، وبينما كان الجنود الجزائريون في الجيش الفرنسي يبلون أفضل من الجنود الفرنسيين أنفسهم أمام جيوش المحور، مدفوعين بوعد فرنسا لهم بالاستقلال بعد الحرب، إذ بالفرنسيين يفاجئونهم بمجزرة سطيف وقسنطينة في مايو 1945، الشهر الذي انتهت فيه الحرب، وهي المجزرة التي ذهب ضحيتها قرابة الخمسة والأربعين ألف مدني جزائري بريء، وذلك في نفس الوقت الذي كانت فيه القوات الفرنسية في سوريا تقصف مبنى البرلمان السوري في دمشق، والبريطانيون يحكمون بالإعدام على كل فلسطيني يعثر في جيبه على طلقة مسدس، بينما يرتبون أوضاع فلسطين لقيام دولة إسرائيل عام 48. جميع هذه الأحداث، والتي هي عينة بسيطة من علاقة الغرب بالشرق الأوسط بالخصوص، لا شك كانت المؤشر الواضح على اختلال العلاقة بين الطرفين، وعندما غادرت الجيوش الغربية المنطقة العربية نتيجة تضارب مصالح تلك الدول، لم تترك أوربا هذه المنطقة إلا بعد أن تأكدت من توريث البلاد لأنظمة حكم تربَّت في سراديب الاستخبارات الغربية، فكانت شهوة السلطة عند الدكتاتوريين العرب، واستسهال الغرب تلبية مصالحه عبر تلك الدكتاتوريات، أسباباً وجيهة لكي تدعم الدول الأوربية والولايات المتحدة – التي دخلت المنطقة متأخرة بعد حرب السويس 56- أن تدعم تلك الدكتاتوريات العربية، هذه الدكتاتوريات التي كان سحقها للجماهير عاملاً رئيسياً في تحريك موجات الربيع العربي، والتي ووجهت بصلابة النظام القديم الذي كان قد تجذر على مدى نحو النصف القرن الماضي بدعم غربي واضح.
اختلال العلاقة بين شعوب العالم الإسلامي والغرب، وبين هذه الشعوب وحكامها من الدكتاتوريين، ورثة الاستعمار، جعل ظهر الشعوب مكشوفاً أمام إملاءات الغرب، وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لكي تكون بداية للإطاحة بدولتي أفغانستان والعراق، وفي ظل السحق الذي مارسته القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة، مدفوعة بالمصلحة الإسرائيلية ذات النفوذ الهائل في أمريكا، وفي ظل التهاون الذي أبداه النظام العربي أمام هذه الهجمة الغربية الشرسة، بل والتعاون مع الولايات المتحدة وتسهيل تدميرها العراق، وفتح أراضيه للقواعد الأمريكية، في هذا الجو المفعم بالاضطهاد الذي وصل حد الاستهتار بالمواطن العربي، المسلم بالتحديد، والذي وجد نفسه محاصراً من عدوين: داخلي وخارجي، هنا كان لا بد أن تأخذ الجماعات المتطرفة زمام الأمر، مستغلة مشاعر الشباب المسلم الغاضب، والغير مكتمل العقيدة، لكي تجابه به تلك الهجمة العاتية، فأطل "الإرهاب" بتجلٍّ واضح في ربوع هذه المنطقة، ثم لتصل شراراته الحارقة بعد ذلك إلى العواصم الأوربية.
هذه الحالة التي غابت فيها الدولة الحامية لجماهيرها، بل والواقفة مع أعدائها، والتي دفعت الشباب للعمل الفردي، هذه الحالة ليست مقتصرة على الشباب المسلم فقط، ففي التاريخ الفرنسي الحديث، عندما اقتنع الجنرال "ديغول" في صيف عام 1960 أن لا حل للقضية الجزائرية إلا بالتفاوض مع جبهة التحرير الجزائرية، رفض المستوطنون الفرنسيون في الجزائرهذا التوجه الذي اختطه رئيس الجمهورية، فقام أربعة جنرالات فرنسيين بانقلاب فاشل ضد حكومة ديغول (لاحظ: انقلاب عسكري في فرنسا أم الديمقراطية)، وانتقلوا بعده إلى مدريد حيث شكلوا تنظيماً سرياً باسم  "الجيش السري الفرنسي: L'Organisation de l'Armée secrète OAS”" بقيادة الجنرال "سالان" والذي أخذ زمام الأمور في الجزائر بيده، بمعزل عن حكومة باريس، وارتكب المجازر بحق الجزائريين، واغتال الفرنسيين الذين كانوا يؤيدون استقلال الجزائر، كما قام الجيش السري بعمليات سطو على البنوك ومراكز البريد، وخرب المنشآت الحكومية، كما أسست هذه المنظمة فروعاً لها في داخل فرنسا بقيادة اليميني المتطرف "جان ماري لوبان". وهكذا نرى أن غياب سند الدولة لتطلعات أفرادها – وهنا كانت تطلعات المستوطنين إبقاء الجزائر فرنسية – يدفع الأفراد إلى أخذ زمام الأمور بأيديهم، باعتماد الانقلاب العسكري والتنظيم السري والاغتيالات - وهي أعمال إرهابية -، دون اعتبار للخلل في ميزان القوى، واحتمالات النجاح والفشل. فلماذا إذن علينا الافتراض بأنه يحق للفرنسيين المستوطنين ما لا يحق للعرب المسلمين؟.
لكن، بما أنني واحد من الذين لا هم في العير ولا في النفير، وحيث أن آخر حكمة ذهبية أوصتني بها المرحومة والدتي، حرصاً منها على مستقبلي، كانت:(لا أحد يستطيع معاندة الحكومة يا بُني)، لذا أرجو اعتبار ما كتبته أعلاه قابلاً للعطب والخطأ مئة بالمئة، ويمكنني التراجع عنه بنفس السهولة التي كتبته بها، إذ لا أحد يستطيع معاندة الحكومة، فكيف إذا كانت حكومات،،، يا بُني.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450228

  


     

خذوا الحكمة من أفواه الرؤساء العرب


الأقوال التالية شاهدتها أو سمعتها أو قرأتها لرؤساء عرب حكموا بلادهم عقوداً طويلة من الزمن:
1- معمر القذافي: عام 1977، وفي محاضرة دينية !!! له في رجال دين من مختلف بقاع العالم الإسلامي، يقول: القرآن الكريم يقول لمحمد (هكذا بدون الصلاة عليه) "قل هو الله أحد" أي يأمر الله (بدون "تعالى") النبي أن يقول الله أحد، أما نحن المسلمون فعلينا أن نقرأ هذه الآية كالتالي "هو الله أحد".
- أما التاريخ الهجري فلم يعجب سيادة العقيد، وبالتالي قرر استخدام تاريخ وفاة النبي بدل تاريخ هجرته مكان التقويم الغريغوري الغربي، كما غير أسماء أشهر السنة كالتالي: كانون ثاني/النار - شباط/النوار - آذار/الربيع - نيسان/الطير - أيار/الماء - حزيران/الصيف - تموز/ناصر - آب/هانيبال - أيلول/الفاتح - تشرين أول/التمور - تشرين ثاني/الحرث - كانون أول/الكانون. - وفي "الكتاب الأخضر" يقول العقيد، فلتة زمانه: لأن المرأة تبيض والرجل لا يبيض، فالمرأة تلد والرجل لا يلد!!!.
2- من أقوال الرئيس السوري القائد حافظ الأسد، والمنقوشة على لوحة معدنية كبيرة مثبتة على الرصيف الأيمن القادم من ساحة الشهبندر إلى ساحة السبع بحرات في دمشق، وبمناسبة أسبوع المرور - ومع ذلك بقيت اللوحة معلقة لسنوات طوال - يقول سيادته:" إذا رأينا مواطناً أو سيارة تخالف نظام السير في البلد، فعلينا أن نوجهه إن كان لا يعلم، وأن ننظر إليه بازدراء إن كان يعلم" (هذا هو النص الحرفي لأقوال السيد الرئيس، أي لا مخالفات مرورية للمواطنين السوريين، بل توجيه أو ازدراء). 
3- هذا اليوم الخميس 1/15، يصرح الرئيس بشار الأسد بأن الطريق المؤدي إلى القضاء على الجهل والأمية يكون بالتعليم ونشر الثقافة!!!،  أما  البطالة بين الشباب، فيمكن القضاء عليها بإنشاء مشاريع اقتصادية!!!. (فسر الماء بعد الجهد بالماء).
4- الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقول في أحد خطاباته: أي شيء يغضب ربنا نحن معاه ومستعدون لتأييده. (يتابع سيادته حالياً دورات مكثفة في طرق استعمال اللغة العربية).
5- الملك المغربي الحسن الثاني، وفي أحد مؤتمرات القمة العربية في المغرب،يقرأ الآية القرآنية بالمقلوب (قل جاء الباطل وزهق الحق)، لكن حاشيته بررت ذلك بعذر أنه كان سكران، إذ لا على السكران حرج.
هذه الحكم نطق بها حكام لا يستحق الواحد منهم أن يرعي غنمتين وعنزة، ومع ذلك فهذه الحكم والأقوال مفيدة، إذ أنها علاج ناجع لرفع ضغط دم المرضى الذين يعانون من ضغط الدم المنخفض. 
أمة مسكينة،،، يا ولداه.

Sunday, January 11, 2015

والباديء أظلم


الكاتب والناشط اليساري الفرنسي ميشيل فيدو، (حفيد الكاتب الفرنسي الكبير والمشهور جورج فيدو)  يقول : 
علينا أن نكون عادلين،، إذا كنا ضد الإرهاب ولسنا ضد الإسلام، فما معنى السخرية والاستهزاء من نبي الإسلام محمد ؟وأنا أسأل محرري صحيفة  شارلي -إيبدو  هل كان النبي محمد إرهابياً ؟، كما وأحب أن أسال السيد الرئيس فرانسو هوﻻند .. من الذي بدأ؟: ألسنا نحن من بدأناهم إعلامياً وعسكرياً؟ ....! 
أوﻻً: بنشر صور مسيئة لنبيهم .
وثانياً: أرسلنا  طائراتنا لقتل أبنائهم في العراق ...
حيث يقول مكتب حقوق الانسان في بغداد أن أعداد القتلى المدنيين الأبرياء في العراق جراء القصف الجوي "أضعاف أضعاف" قتلى داعش.
هم لم يأتوا إلينا ياسيادة الرئيس، بل نحن الذين ذهبنا إليهم، وعلينا أن نتوقع ردود أفعالهم، وأن نتحمل النتائج.
لقد سمعت ترجمة  لكلمة  الناطق باسم  الإرهابين  يقول  :
(علينا أن نعلِّم الفرنسيين معنى حرية التعبير بأنها ليست الإساءة إلى أنبياء الله ... ويضيف قائلاً.. 
إن لغة الرصاص ... هي اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤﻻء ) .....
 هذا الكلام ياسيادة الرئيس علينا أن نقرأه جيداً.
 





-- 
W.H 
 

كمل النقل بالزعرور

جاري الحشاش علق على ما يجري حالياً في باريس بالقول:
المظاهرة ضد الإرهاب، والتي تجري حالياً في باريس، تضم شخصيات عالمية كبيرة ذات وزن، على رأسها وزيرا خارجية البحرين والإمارات العربية (متميزين بملابس البطريق)، ولا ننسى أيضاً حمامة السلام الفلسطينية، بطل الحرب والسلام أبو مازن، وقديماً قال المثل (كمل النقل بالزعرور). 
أما ما كان ينقص المظاهرة بالفعل حتى تكون مكتملة الشروط والأركان، فيكمل النقل بالزعرور، فهو وجود الرئيس السوري بشار الأسد، والذي لو كانت لديه ذرة من الشعور بالمسؤولية لحضر، أو لأناب عنه الثلاثي المرح: وليد المعلم، وبشار الجعفري، وبثينة شعبان، لكن يبدو أن بشار الأسد مشغول بقيادة جيشه على جبهة حي جوبر، كما أن وليد معلم الشاورما قد اعتذر عن المشاركة في تلك المظاهرة لأنه قال ذات مرة أنه سوف ينسى أن أوربا موجودة على الخارطة، والظاهر أن مسيلمة الجعجعي وبثينة تعبان أيداه في الغياب، ففشلت المظاهرة ضد الإرهاب. وهكذا بقي النقل ناقصاً ولم يكمل بالزعارير. لكن ما يثلج الصدر أن نتنياهو قد حضر نيابة عن الأسدياهو والسيسياهو، فاكتمل النصاب، ونجحت المظاهرة.

-- 
W.H
 

Saturday, January 10, 2015

إرهاب، لا إرهاب

بسبب ضبابية التوصيف، ما زال (الإرهاب) بدون تعريف حتى الآن، لكن من البديهي أن أي عمل يتم بدافع سياسي أو عقيدي، لا يمكن أن يوضع في خانة (الإرهاب).
بالمقابل: هل كان قتل 45 جزائري مدني في مذبحة سطيف الجزائرية  في مايو 1945 عملاً إرهابياً؟، وهل كان قتل 500 عراقي في ملجأ العامرية ببغداد عملاً إرهابياً؟، وهل كان قتل المدنيين وتدمير عشرات آلاف البيوت في غزة عملاً إرهابياً؟، وهل كانت مجزرة قانا في جنوب لبنان عملاً إرهابياً؟. الغريب في الأمر أن جميع الدول الغربية المجرمة لم تقبل حتى الاعتذار - وليس التعويض - عن جرائمها، ولسان حالهم يقول (بلّطوا البحر).
القصة أوضح من واضحة: أي عمل يقوم به الضعيف ضد القوي، حتى ولو كان بالكلمة (نقد الهولوكوست) هو عمل إرهابي، أما ما يقوم به القوي ضد الضعيف، فهو دفاع عن الديمقراطية وحرص على حقوق الإنسان.
مشكلة المسلمين أنهم أفراد ليس لهم دولاً قوية تقوم عنهم بما يجب أن يقوموا به هم. باختصار: هي المشكلة المستعصية، القديمة المتجددة: علاقة الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب.
أخيراً وتمشياً مع القاعدة الذهبية (عندي على الأقل): في القضايا الكبرى، جميع الآراء صحيحة، حتى ولو تناقضت.

Thursday, January 1, 2015

رئيس أكثر من مجرم

فعلاً هو مشهد يستدعي دموع الفرح بغزارة!، والتصفيق بحرارة!، فمنذ 50 عاماً لم نرَ مثل هذا المشهد الذي لا شك يملأ نفس كل سوري، بل وكل عربي بالفخر والعزة!!!:
هو مشهد المجرم بشار الأسد يتفقد أفراد جيشه، جيش تهديم الديار، على خط الجبهة في حي جوبر، ولمن لا يعرف الجغرافيا السورية نقول: حي جوبر هذا لا يقع على حدود سوريا مع فلسطين المحتلة في الجولان، بل هو حي دمشقي يبعد عن قلب العاصمة السورية خمسة كيلومترات فقط، وعن الوكر الرئاسي عشرة كيلومترات فقط، حيث تدك كافة أسلحة جيش تهديم الديار هذا الحي منذ سنتين بحيث تحول إلى لا شيء، وليس إلى أطلال فحسب.
فكيف لا نذرف دموع الحزن والأسى، وليس الفرح، على مشهد مجرم يستمتع بذبح الشعب السوري.