Tuesday, January 27, 2015

من قدّم الناس، أخّروه

جمعتني الصدفة عن طريق صديق بصديق له كان يعمل مديراً في نادٍ للسيارات في دولة عربية. فوجئت بالرجل يعلق خلف مكتبه لوحة كبيرة، مكتوبة بالخط الكوفي المتقن، تحمل عبارة (من قدّم الناس، أخّروه)، ولما أبديت امتعاضي من هذا الشعار الذي علقه على الجدار، كان اعتراضه على امتعاضي بأنه في تلك اللوحة لخّص تجربة طويلة له مع الناس، وعنده أن الذين كان يقدم لهم الاحترام والتقدير، كانوا يردون عليه بالإهمال والجفاء واللامبالاة، ففي حين كان يواصل الاتصال الهاتفي بهم، لم يكن يسمع منهم إلا نادراً، ورغم أنه كان يقيم لهم الولائم الفخمة، فلم يكن يرى منهم سوى التجاهل والإنكار، فقرر في النهاية تلخيص هذه التجربة في تلك العبارة، التي كان ينصح كل من يزوره أن يعمل بها.
لم أقتنع فيما قاله المحترم سوى أن ما ذكره ربما ينطبق على بعض الناس وليس عليهم جميعاً، ففي الحكم القطعي على جميع الناس ظلم للبعض الذي لا يمكن إنكار تواصله، وبالتالي استحقاق التقدير والاستثناء من هذه القاعدة الهمجية، وبعد أخذ ورد، وافق صديق صديقي على إضافة كلمة واحدة إلى تلك الحكمة، لتصبح منطقية، فبعد أسبوع زرته مرة ثانية، فرأيت تلك اللوحة وقد عدلت على النحو التالي:( من قدّم بعض الناس، أخّروه)، وهكذا أعادت إضافة كلمة واحدة إلى الجملة الأمور إلى منطقيتها وصوابها.  

No comments: