Monday, December 30, 2013

هل ما زال العرب والمسلمون يملكون لساناً طويلاً يتبجحون به أنهم خير أمة أخرجت للناس؟؟؟؟؟
؟؟؟

من شابه أباه فما ظلم


من شابه أباه فما ظلم

من يستمع إلى ما يجري هذه الأيام للفلسطينيين في مخيم اليرموك على يد عصابات بشار الأسد وحليفه الخبيث نصر الله لا يجب أن يستغرب الأمر، ذلك أن تاريخ الأب المقبور واضح جلي في ما فعله في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع المجرم نبيه بري في سنوات الثمانينات من القرن الماضي، ومن شابه أباه فما ظلم. هذا هو نظام الممانعة والمقاومة الذي ضحك علينا نصف قرن ثبت في النهاية أنه نظام صهيوني بامتياز، ومع ذلك تجد للأسف مساحة للذين يؤيدون نظام القتل والجريمة في دمشق وطهران.

Thursday, December 26, 2013

ذهاب،،،،،، وبقاء

ذهاب،،،،،، وبقاء

ذهب عبد الناصر، فذهبت مصر.
ذهب صدام حسين، فذهب العراق.
ذهب سياد بري، فذهب الصومال.
بقي بشار الأسد، فذهبت سوريا.

Wednesday, December 25, 2013

هدية عيد الميلاد المجيد 2013


بدون تعصب ولا تحيز ولا عنصرية: هل لاحظتم أن نظام السيسي في مصر قد أهدى إخوتنا الأقباط المصريين، وإلى العنصري نجيب سويرس بالخصوص، هدية عيد الميلاد المجيد بإعلان حركة الإخوان المسلمين السنية حركة إرهابية؟، وألا يشبه هذا الإعلان القانون 49 للعام 1980، الذي أصدره المقبور حافظ الأسد، والقاضي بإعدام كل من يثبت انتسابه إلى حركة الإخوان المسلمين؟، فما أشبه عبد الفتاح السيسي بحافظ الأسد، وما أقذر اليوم، وما أشبهه بالبارحة.

Wednesday, December 11, 2013

شرم الجنيف


(شرم الجنيف)
اتفق الناس، قبل علماء النفس، على أن بعض الأسماء والأماكن والروائح قد تعود بذاكرة المرء إلى حدث أو مكان أو موقف معين سبق للمرء أن عايشه، وليس في ذلك مشكلة، بل ربما أدخل ذلك البهجة والسعادة في النفوس، غير أن المشكلة الكبرى تكون عندما تثير هذه العوامل ذكريات بائسة، تبعث في النفس الريبة والهلع مما هو قادم، فمن طبائع الأمور أن ربط اسم مشؤوم بأحداث مشؤومة لا يثير سوى الرعب والقلق والشؤم.
هذه الأيام سماع اسم (مؤتمر جنيف) يتردد عشرات المرات كل يوم وارتباطه بالثورة السورية، يثير في النفوس الخوف والقلق على مصير سوريا والسوريين، وسبب ذلك أنه كان قد مر علينا حين من الدهر ونحن نسمع يومياً اسم (مؤتمر شرم الشيخ) بشأن القضية الفلسطينية، يتردد عشرات المرات وعلى جميع موجات البث المرئي والمسموع والمقروء!، وفي كل مرة تمخض فيها الشرم عن تآمر دولي على شكل اتفاق بائس وتواقيع مزورة، كان الناس يقفلون عقولهم وأعينهم وآذانهم، منتظرين بتشاؤم كبير شرم شيخ جديد، لكنني بعد البحث عن معنى كلمة (شرم)، توضحت الصورة في ذهني، واعتبرت أن جميع ما جرى في الشرم يتطابق مع معناه اللغوي، فالقاموس يقول بأن (الشرم) يعني: ( كل شق غير نافذ في جبل أو جدار)، وعليه فإن "الشرم" لم يعط سوى ما وعدت به طبيعته، فجميع الاتفاقات التي وقعت في شرم الشيخ، وجميع الوعود التي أعطيت للفلسطينيين، ثبت أنها قد دخلت في (شق غير نافذ في جبل أو جدار)، ولم يحصد الفلسطينيون منها سوى الخيبة والفشل وضياع الوقت والأرض، والأهم من ذلك: الضحك على اللحى، لذا كان من الطبيعي ألا يبقى في الفلسطينيين من يطلق لحيته سوى رجالات السلطة في رام الله.
أعود إلى جنيف: حيث لا يبدو في مؤتمرها الثاني المزمع أي أمل في حل أو حلحلة أو تلحلح للقضية السورية، واللطيف في الأمر أن معظم الأطراف الدولية التي ستشارك في جنيف2 هي نفسها التي كانت قد شاركت في اجتماعات (شرم الشيخ) العديدة: (الأمم المتحدة، روسيا، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوربي)، مع اختلاف أسماء المسؤولين فقط. وكما هو معلوم، فقد كان جميع المشاركين السابقين شهود زور على جميع الاتفاقيات (الشرم شيخية)، والتي لم يطبق من صفحاتها الكثيرة ولو حرف واحد، كذلك سيكونون في جنيف 2 كما كانوا في جنيف 1 ، وبما أن مصير جنيف واحد قد عُرِف، حيث بقيت الدبابات في الشوارع والمقاتلات في الأجواء والأسرى في السجون، فمصير (الجنيفات) القادمة من اثنين إلى عشرة على الطريق، ونتائجها معروفة سلفاً، لذا أقترح على الائتلاف السوري، فقط لكي يعلم إلى أين هو ذاهب وماذا سيجد، وحتى لا يتفاجأ بالنتائج المخيبة للعقول والمحبطة للنفوس، اقترح عليه المبادرة إلى تغيير اسم (جنيف) إلى (شرم الجنيف) تيمناً بفشل قادم حتماً، ليس منه مهرب ولا مخرج.
دسيمبر 11-2013



   

Tuesday, December 10, 2013

ثواب وعذاب

ثواب وعذاب
مما لا شك فيه أن نجاح الحوار بين جانبين يقتضي اعتراف كل منهما بالآخر اعترافاً كاملاً شاملاً لا تشوبه شائبة ولا يصيبه عوار، فالحوار بين دولتين مثلاً لا يتم إذا ما قالت الأولى بأنها تعترف برئيس وزراء الدولة الثانية، ولكنها لا تعترف برئيسها، أو إذا ما ردت الأخرى بأنها تعترف برئيس الدولة الأولى ولكنها لا تعترف برئيس وزرائها. ولو أسقطنا هذا المثال على الحوار الجاري بين أحبائنا العلمانيين من جهة، وعامة المؤمنين من الجهة الأخرى ( تقصدت القول عامة المؤمنين لأنني أعتبر أتباع الأديان السماوية جميعهم مؤمنين) لوجدناه حواراً أعرج لا يستقيم مهما علا الصياح واشتد الهرج والمرج، إذ أن واحداً من الطرفين فقط يعترف بالطرف الآخر، وأقصد به المؤمنين، ففي القرآن الكريم مثلاً (كما الكتب المقدسة الأخرى) اعتراف صريح بالطرف الغير المؤمن عندما تقول الآية 29 من سورة الكهف (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولو ناقشنا هذه الآية بتجرد، لوجدنا فيها مبدأً من المباديء الديمقراطية الذهبية التي يقدسها العلمانيون (حرية الرأي والعقيدة)، فالإيمان في حملته الانتخابية! يقدم مشروعه للجماهير فيقول لهم (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون – النحل 90)، ثم لا ينسى الإيمان في حملته أن يتوجه إلى الجماهير بتبيان أنه لا يتحدث عن الآخرة إلا من خلال الدنيا، فما من مرة ذكرت فيها الصلاة في القرآن الكريم إلا واقترنت بالزكاة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين – البقرة 43)، وما من مرة ذكر فيها الإيمان إلا واقترن بالعمل الصالح (والذين آمنوا وعملوا الصالحات –البقرة 82)، وقد جمعت معاني هاتين الآيتين في الآية 277 من سورة البقرة (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، أي أن الإيمان ليس مقبولاً بدون عمل صالح، ولا الصلاة مقبولة دون دفع الزكاة، وبديهي أن الإيمان والصلاة هما لله تعالى، وعمل الصالحات وإيتاء الزكاة هما للناس، وبديهي أيضاً أن الربط بينهما والتأكيد على تلازم كل منهما مع الآخر يوضح حرص الله تعالى على خير البشر وسعادتهم الدنيوية. بعد عرض الإيمان برنامجه الانتخابي هذا، يتوجه إلى الجماهير العريضة بقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر – الكهف 29)، أي من شاء أن يكون في حزب الإيمان، فأهلاً ومرحباً، ومن شاء ألا يكون، فهو حر في قراره، فهل هناك بعد هذا الطرح ديمقراطية أجلى وأوضح.
 نعود إلى أصدقائنا العلمانيين، فهم في حديثهم عن الدين يظهرون أنهم انتقائيون، يأخذون من آيات القرآن الكريم ما يشاؤون ويتجاهلون ما يشاؤون، فهم منزعجون جداً من مشاهد العذاب - الواردة في القرآن الكريم - يوم القيامة، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الحديث عن نوعية الناس الذين يسومهم الله سوء العذاب يوم القيامة، كما يتحاشون ذكر آيات النعيم المقيم التي وُعِدَ بها الصالحون المتقون، وهم في غالبيتهم ممن عملوا الصالحات وآتوا الزكاة، واللذين هما لبني البشر، ولو نظروا في الآيتين التاليتين وتمعنوا فيهما بعمق، لأدركوا أن يوم الحساب ليس يوماً حافلاً بالعذاب والمصائب، بل هو أيضاً يوم ينعم فيه الصالحون بما لم يخطر على بال بشر، وما لم تره عين ولم تسمع به أذن، والآيتان المقصودتان هما الآيتان 30،31 من سورة الكهف (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا -30- أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا)، إلى غيرهما من الآيات التي تصف الجنة والنعيم المقيم الذي وعد به الصالحون، تلك الآيات التي لا يقف عندها أحباؤنا العلمانيون لأنها تفقدهم حجة التهجم الإسلام، واتهامه بالتبشير بالعذاب والشقاء، دون النعيم والهناء، وهو أمر عجيب: يؤمنون بما يريدون ويكفرون بما يريدون، وهم في هذا قد ورد وصفهم في القرآن الكريم بدقة متناهية، فسألهم: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض – البقرة 85 -)، فإن هم آمنوا بآيات العذاب، فعليهم الإيمان بآيات الثواب، أو فليرفضوا الكل، فيريحون ويستريحون.     
منح القرآن الكريم الناس حرية المعتقد، لكن هذه الحرية مقيدة باحترام الرأي الآخر، إذ لا يقيم المسلم الحواجز مع الآخرين، ولا يقاطع المؤمن غيره حتى ولو كفر هذا الآخر بالإسلام واستهزأ به، إذ لا تتم المقاطعة إلا مؤقتاً فقط، عندما يسمع المؤمن ذم دينه بشكل علني من قبل الذين يرفضونه، أما بعد ذلك، فلا مقاطعة ولا جفاء، وانظر إلى هذه السماحة القرآنية عندما تقول الآية الكريمة (وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم – النساء 40-)، وتكرر نفس المبدأ في الآية 68 من سورة الأنعام (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)، فالمؤمن لا يقاطع الذي ينكر الإسلام، بل لا يقاطع حتى الذي يهاجمه بعنف وتكفير واستهزاء.
من باب احترام الذات والمنطق فقط ليس إلا، على أصدقائنا العلمانيين، عندما يقتبسون من القرآن الكريم آيات العذاب، ألا ينسوا الإشارة إلى آيات الثواب، أي أن يناقشوا من داخل دائرة الدين، أو فليبقوا خارجها، فهم في ذلك لا شك أحرار.  
10 ديسمبر 2013

Monday, December 9, 2013

مبروك، فأنت لست عميلاً

مبروك، فأنت لست عميلاً

لأول مرة في التاريخ العربي المعاصر تتهم جماعة بجميع الموبقات والخيانة والإرهاب دون الجرأة على اتهامها بالتهمة التقليدية: العمالة للإمبريالية العالمية والصهيونية ، فبسبب العلاقة الحميمة بين انقلابيي مصر وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، فهم لا يجرؤون على اتهام الإخوان المسلمين بأنهم عملاء لهذين الطرفين: الولايات المتحدة وإسرائيل، بل بالعكس، يتهمون الجماعة بمحاولة التغلغل في الساحة الأمريكية. أليس هذا إنجازاً رائعاً يحسد عليه الإخوان المسلمون؟؟؟.

 

Sunday, October 6, 2013

أمة العبقريات

أمة العبقريات
عندما أتحدث عن العبقرية العربية واستحقاقها بجدارة دخول كتاب جينيس في أكثر من مجال، يحسب الناس أنني أستهزيء بهذه الأمة العظيمة وأستهين بقدراتها، وأنا لست كذلك.
منذ عدة أيام توفي الرفيق الجنرال "جياب"، وزير الدفاع الفييتنامي السابق عن عمر ناهز المئة عام، وهو الذي مرغ سمعة فرنسا العسكرية في الوحل، وأسقط نفوذها في جنوب شرق آسيا عندما احتل بمعجزة مذهلة قلعة (بيان يان فو) عام 1954، آخر معقل لفرنسا هناك، تلك الهزيمة التي كانت دافعاً هاماً للجزائريين للقيام بثورتهم على فرنسا في نفس العام، ثم بعد ذلك مرغ السمعة العسكرية الأمريكية في الطين والوحل عندما دخلت قواته (سايجون) عاصمة فييتنام الجنوبية سابقاً، وهرب الأمريكان وعملاؤهم من الفييتناميين الجنوبيين عن سطح السفارة الأمريكية في 8 مايو 1975، مما أدب العسكرية الأمريكية، وغرس في نفسية الشعب الأمريكي عقدة الهزيمة، والتي لم يشف منها إلا عام 2003 عندما غزت الولايات المتحدة العراق. لذلك اعتبر هذا الجنرال العظيم في صفوف القادة العظام في الحروب العالمية أمثال رومل ومونتغمري وماك آرثر، وأضيف من عندي، مع الاحترام لمشاعر المسلمين، وخالد بن الوليد.
هذا الجنرال لم يعتل أي منصب حكومي بعد كل ما قدمه لبلاده من انتصارات مذهلة على أعدائها، وخرج من وزارة الدفاع الفييتنامية بكل هدوء وسلاسة لكي يتفرغ لزراعة شتلات الأرز في مزرعته الصغيرة المتكئة على تلة صغيرة مدرّجة، والتي منها كان يجلس لكي يطل على أرض بلاده التي ضحى شعبها بالملايين لكي تتحرر.
عندنا، أهل الإبداع والعبقرية، يفشل وزير دفاع عربي في حرب خسر فيها من أرض بلاده ما يزيد على الألفي كم مربع، على جبهة كانت من أمنع جبهات العالم العسكرية، كونها جدار من الجبال التي تطل على مواقع العدو من عل، ورغم ذلك، وبدلاً من أن يحاكم،  فقد كوفيء هذا الوزير الفاشل برئاسة الدولة لمدة ثلاثين عاماً، ثم غادر إلى السماء تاركاً البلاد تركة لورثته. فأي إبداع وأية عبقرية تتمتع بها هذه الأمة الخائبة، التي لا تضاهيها أمة من الأمم في خنوعها وفشلها، لكن حتى الإبداع في الخيبة والفشل يبقى إبداعاً تحسدنا عليه جميع قردة العالم.
رحمة الله على واحد فقط من هذين الوزيرين.
(ملاحظة هامة: سؤال لأسيادنا المشايخ الكرام: هل يجوز قراءة الفاتحة على روح الجنرال جياب؟).
6 أكتوبر 2013     

Saturday, September 28, 2013

عبد الفتاح السيسي يزور ضريح عبد الناصر في الذكرى الثالثة والأربعين لوفاته

عبد الفتاح السيسي يزور ضريح عبد الناصر في الذكرى الثالثة والأربعين لوفاته
منذ وفاة عبد الناصر، وربما قبلها بقليل، دأب الدكتاتوريون العرب على تقمص شخصيته، وتقديم أنفسهم على أنهم صورة طبق الأصل عنه، بينما كانوا على نقيضه. أولهم القذافي، الذي هيأت له تخيلاته أنه عبد الناصر الثاني، وبعده، وبعد وفاة الزعيم بأشهر قليلة، وبعد الحركة التصحيحية، ملأت شوارع دمشق صور حافظ الأسد مقرونة بصورة عبد الناصر، كذلك فعل صدام حسين. اليوم يحاول السيسي، بزيارته ضريح الزعيم بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لوفاته، يحاول التظاهر بتبجيل عبد الناصر فقط لكي يسوق نفسه لرئاسة مصر. عبد الناصر لم  يقتل الآلاف، ولم يعتقل الآلاف في سجونه. نعم كان بينه وبين الإخوان عداء مستحكم وصل إلى حد محاولة اغتياله، ثم إن الخوف على الثورة ربما قاد مجلس قيادة الثورة برئاسته إلى ارتكاب أخطاء انتقدها الناصريون قبل غيرهم، أما محاولة السيسي اليوم التمحك بعبد الناصر، فهي محاولة بائسة يائسة لن ينخدع بها المصريون الأذكياء، ومثيل لشخص عبد الناصر لن يأتي من هذه الأمة قبل مرور مئات السنين، والراجح أنه لن يأتي أبداً.
 

Tuesday, September 10, 2013

وكر الشيخ

وكر الشيخ
في ستينيات القرن الماضي، أدمنت على قراءة مقالات كان ينشرها الكاتب المصري الساخر (محمود السعدني) في مجلة روز اليوسف على ما أذكر، بعنوان (يوميات حشاش)، إذ كان يبدأ مقاله بموضوع معين، ويختمه بموضوع ليس له علاقة بالموضوع الأصلي، مروراً بمواضيع عدة ربما بلغت العشرة، بدون أن تكون لأي منها علاقة بالمواضيع الأخرى،وأحسب أن الرجل كان يريد أن يقول أشياء ربما كان من الحرج قولها في ذلك الزمان، فلجأ إلى حيلة أنه يكتب بدون تركيز وكأنما هو تحت تأثير الحشيش، فلا ملامة عليه إذن ولا تثريب أمام السلطات، فقد رُفِع عنه القلم. ومع أنني لم أعرف حشيشة الكيف في شبابي، ومن المعيب لي أن أعرفها في كهولتي، إلا أن هذا المقال سوف يبدو، نظراً لتنوع الأفكار الواردة فيه وتفككها وتناثرها، وكأنه (يوميات حشاش).
عندما أعربت عن نيتي قضاء إجازتي في شرم الشيخ، قامت عليّ قيامة أسرتي وأصدقائي، واتهموني بالتهور واللامبالاة، رغم علمهم بمتابعتي أخبار المحروسة دقيقة بدقيقة، وكان ظنهم أن الداخل إلى مصر هذه الأيام مفقود، والخارج منها مولود. شرحت لهم بأنني ذاهب إلى شرم الشيخ فقط، فافترضوا أنني أجهل أنها في مصر، رغم علمهم هوسي بالجغرافيا. ضاق صدري بجهلهم، فاضطررت أن اشرح لهم بأن ما يدعى (شرم الشيخ) هو في الحقيقة مكان يصنف على أنه في مصر، لكن هذا التصنيف سياسيٌّ جغرافي وليس حقيقياً، إذ أن هذا المكان – لوقوعه على النهاية الجنوبية الشرقية لشبه جزيرة سيناء -، فهو محاط بسلاسل جبلية شديدة الوعورة، مما يجعل الوصول إليه مستحيلاً إلا عن طريق الجو، أو عن طريق بري وحيد تمكن السيطرة عليه بحاجز يحرسه عشرة من رجال الأمن المبتدئين، و بدايةً، فقد وعى جيلنا ذكر اسم هذا المكان بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 56، وبعيد حرب حزيران 67. بعد العدوان الثلاثي حصلت إسرائيل على حق مرور سفنها من مضيق تيران، وهو مضيق محصور بين البر المصري (شرم الشيخ) في الغرب، والبر السعودي (جزيرة تيران وجزيرة صنافير) في الشرق. كثر اللغط حول الجزيرتين، فتفرق دمهما بين القبائل، فمن قائل أنها سعودية، تنازل عنها الملك فيصل لمصر كي تقوم بمنع إسرائيل من الخروج من ميناء إيلات، وذلك نظراً لضعف إمكانيات المملكة العسكرية، ومن قائل أنها في الأصل مصرية، إلى جانب أقوال بعض الخبثاء بأن السعودية سمحت لإسرائيل باحتلالها كي تفاوضها عليها لاسترجاعها في مرحلة لاحقة مقابل معاهدة سلام معها، تماماً على غرار ما سمعناه للمرة الأولى – قبيل توقيع اتفاقية وادي عربة – أن إسرائيل كانت تحتل منذ حرب عام 67 أراضٍ أردنية شرق نهر الأردن، لم يكن أحد يعلم عنها أي شيء حتى ذلك الحين. لكن المؤكد فقط هو أن إسرائيل احتلت هذه الجزر وموقع شرم الشيخ في حرب عام 56، فخرجت سفنها من قمقمها ميناء (إيلات) باتجاه أفريقيا وآسيا، ثم خرجت منها بعد دخول القوات الدولية إليها، لكي تعيد احتلالها ثانية بعد حرب 67. بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 78، لم يعد لمصر حق التواجد في المنطقة سوى بشرطة مدنية، واستمر البحارة الإسرائيليون، إلى اليوم، يمخرون بسفنهم مضيق تيران، شمالاً وجنوباً، وهم يراقبون البرين السعودي والمصري بمناظيرهم المقربة، بينما يمدون ألسنتهم للأعراب الواقفين على الشاطئين.
بعد تولي حسني مبارك الحكم عام 1981، انصب اهتمام الاستثمار الخليجي والعربي على إعمار موقع شرم الشيخ، والذي كان صحراء قاحلة، بالعديد العديد من الفنادق والمنتجعات التي بلغ عددها الآن أكثر من أربعمئة، والتي يفد إليها السياح الأوربيون برحلات مباشرة إلى مطار شرم الشيخ الدولي، أما الإسرائيليون فقد أصبحوا يفدون إليها دون الحاجة إلى جوازات سفر، فرخصة القيادة منهم تكفي، أليسوا أولاد عمومة؟، ونظراً لسهولة إحكام السيطرة على هذه المنطقة، نظراً لانعزالها الجغرافي الذي وفر لها ضمانة أمنية مطلقة، فقد اتخذها نظام حسني مبارك وكراً لاستضافة أصدقائه الإسرائيليين – بعد أن أصبح كنزهم الاستراتيجي – من أجل توقيع اتفاقيات تصب جميعها في مصلحة إسرائيل من ألفها إلى يائها، ومنذ ذلك الوقت وأنا أطلق على هذا الموقع اسم (وكر الشيخ)، مع أن الكثيرين عتبوا عليَّ، وقالوا بأن هذا الوصف عيبٌ وغير مناسب، ولا يليق بأديب مثلي!!!.
لا علينا، ضربتُ بتحذيرات الآخرين عرض الحائط وقصدت الوكر. في مطار شرم الشيخ الدولي، سألني ضابط الجوازات – وهو برتبة مقدم – إذا ما كنت أتكلم العربية، فقلت: نعم. قال ما هو أصلك؟. كدت أقول له بأنني هربت من هذا السؤال السفيه منذ عشرين سنة، أفلا يكفي أنني أتكلم العربية؟، لكنني توخياً للسلامة وتجنباً للندامة، همست بصوت خفيض – خشية أن يسمعني أحد سواه –: ( فلسطيني يا بيه). في مصر هذه الأيام إن علم الآخرون أنك فلسطيني، فأنت مصنف على أنك حماس "العدو الجديد اللدود لمصر هذه الأيام عوضاً عن إسرائيل"، وإن قلت أنك سوري، فأنت من الجيش الحر الذي يريد إسقاط قلب محور المقاومة!!!، فكان جوابي همساً، ولولا أن الذي كان بين يدي ضابط الجوازات جواز سفر أمريكي، لكان أعادني على نفس الطائرة إلى مطار عمان، الذي كان سوف يعيدني بدوره على نفس الطائرة لا أدري إلى أين، وربما قضيت شهرين في الجو، بين مطار شرم الشيخ ومطار عمان وغيرهما من المطارات، أتفرج على بلاد الله مجاناً، ولكن الله سلم. في هذه اللحظات تذكرت كيف أُعِدت – عندما كنت شاباً فلسطينياً بوثيقة سفر"من غير اليوم" – مرتين: واحدة من مطار القاهرة إلى مطار دمشق عام 1971، والمرة الثانية من مطار عمان إلى مطار لارنكا في قبرص عام 1982، فسفر الفلسطيني حامل وثيقة السفر في بلاد العرب تجربة مذهلة مذلة لا يعرف حجم الذهول والذل فيها إلا من مر بها، أو مرت به، لا فرق، لكن الغريب في الشعور بالذل – وذلك بتجربة شخصية – أنه يخدر الأعصاب، فتهدأ النفس، وينسى الذي تعرض للإذلال ما هو فيه، وينصرف ذهنه إلى ذاك الذي يمارس ماسوشيته بإذلال الآخرين (أقصد الفلسطينيين)، ويتساءل بينه وبين نفسه عما إذا كان ذلك المتعجرف المتخشب أمامه ينتمي إلى الجنس البشري، أم إلى فصيل آخر من فئة ذوات الأربع، لكن والحق يُقال، فإن الفلسطيني الذي يمن الله عليه بجنسية محترمة، يفتقد هيبة المسافر المتميز، فقد كنتَ بمجرد دخولك كفلسطيني إلى صالة القدوم في أي مطار عربي، تحظى باستقبال حافل يشبه المهرجان، يحضره مدير المطار ومدير الجوازات ومدير الأمن وثلة من رجال المخابرات والأمن المركزي ورجال مكافحة الشغب والحجر الصحي والجمارك، وربما صحبتهم الكلاب البوليسية المدربة على تمييز رائحة وثيقة السفر دون غيرها من جوازات السفر،،، يتحلقون حولك، دافعينك – بمنتهى اللطف واللباقة والأدب – إلى نفس الطائرة التي قدمت على متنها، كي تعيدك من حيث أتيت – هذا إذا لم يُلقوا بك في التخشيبة إن كان موعد إقلاع طائرتك في اليوم التالي -، من ذلك أذكر أنه أصابني الإحباط ذات مرة عندما دخلت مطار شارل ديغول بجواز سفري الأمريكي لقضاء بضع ساعات في باريس، أتابع بعدها رحلتي. نسيت بأنني أحمل جواز سفر أجنبياً، فارتعدت مفاصلي قبل وصولي إلى موظف الجوازات الفرنسي – وهي فوبيا لا علاج لها، ربما ما زلت أعاني منها حتى الآن، كجميع الفلسطينيين حملة الوثائق، كلما اقتربت من موظفي الجوازات -، وتهيأت للأسوأ، لكن شعرت بالإحباط عندما أشار لي الموظف بإصبعه لكي أعبر، وذلك بمجرد أن رأى غلاف جواز السفر وأنا أرفعه بيدي المرتجفة، دون أن يكلف نفسه مشقة النظر في الجواز أو ختمه، أو حتى عناء التوقف عن محادثة زميله. ساعتها شعرت أنني افتقدت شيئاً لازمني طيلة حياتي: مهرجانات رجال الأمن، والحفاوة التي كنت أستقبل بها على أرض العرب، عندما كنت – ولا مؤاخذة من غير اليوم - فلسطينياً.
نعود إلى صاحبنا سعادة البيه: نظرت في وجه سعادته، فوجدته مرتبكاً، إذ كان المسكين محاصراً من جهتين: من جهة بالرغبة في إعادتي على نفس الطائرة – الأمر الذي اعتاده مع كل فلسطيني، منذ كان شاويشاً -، ومن جهة ثانية بالسفارة الأمريكية التي يمكن لها أن تتسبب له في تأنيب شديد اللهجة من وزير الداخلية المصري شخصياً، إن هو فعل. ختم سيادة المقدم جواز سفري على مضض، وناولني إياه باحترام متصنع. لم أغضب منه أو أشمت به أبداً، بل أشفقت على سعادة البيه، فقد كانت تعابير وجه المسكين تنُمُّ عن أنه في موقف حرج، لا يُحسدُ أبداً عليه.
لدى وصولي إلى الفندق، وكان الوقت صباحاً، لم أجد أحداً، حتى ولا الدومري (موظف كانت مهمته إشعال الفوانيس في شوارع دمشق قبل عصر الكهرباء)، فقلت في نفسي: يبدو أن النزلاء قد أطالوا السهر، وها هم يطيلون النوم، ولا بد سيستيقظون. في فترة ما بعد الظهيرة نزلت إلى بركة السباحة، فلم أجد فيها أحداً. قلت في نفسي: هؤلاء الأجانب بيض البشرة، يخشون على جلودهم من حرارة الشمس، ولا بد سيسبحون، لكن غابت الشمس وظهر القمر ولمّا يظهر أحد بلباس السباحة سواي. في صباح اليوم التالي عندما دخلت المطعم لتناول وجبة الإفطار، تأكد لي بأن نسبة الإشغال في هذا الفندق الراقي لا تتجاوز الخمسة بالمئة.
معظم السياح هنا في شرم الشيخ، على قلتهم، هم من المواطنين المصريين في الأساس، أولئك الذين ربما آثروا التحول بإجازاتهم من الساحل الشمالي وباقي المدن الكبرى هرباً من الأوضاع الأمنية المتردية، أما باقي السياح فغالبيتهم من روسيا وإيطاليا، الدولتين الوحيدتين اللتين لم تحذرا رعاياهما من زيارة مصر، لذا تجد أن معظم لافتات المحلات التجارية مكتوبة باللغة الروسية، والبعض القليل منها باللغة الإيطالية، كما أن جميع الباعة تقريباً يتقنون اللغة الروسية، وإلى حد ما الإيطالية، أما اللغة العربية فلا أستطيع أن أحكم على إتقانهم إياها، لأنني كنت أخاطبهم بالإنكليزية خشية أن ينكشف أمري أنني من أصل فلسطيني، فأدخل في سينٍ وجيم. أعداد الباعة يتجاوز أضعاف أعداد المتسوقين، والجميع جالسون خارج محلاتهم، يتوسلون المارة العرب: اتفضل يا بيه، شرفي يا ست، أما للروس والإيطاليين، فلم أدرِ ماذا كانوا يقولون لهم.
في الرحلات البحرية التي قمت بها إلى جزيرة تيران ورأس محمد – كي أرى بأم عيني مواقع الخيبات العربية – كنتَ ترى السيدات المحجبات، لابسات السراويل والقمصان ذات الأكمام الطويلة، يسبحن بمهارة جنباً إلى جنب مع الروسيات والإيطاليات المرتديات البيكيني، فتعجبُ من قدرتهن على العوم وهن في داخل هذه الأحمال الثقيلة من الملابس، وتتوقع أنهن بدونها، سوف يكن قادرات على عبور بحر المانش سباحة بدون توقف. أما تجربة الغوص ومشاهدة الرصيف المرجاني في البحر الأحمر، بأسماكه ذات الألوان الرائعة، وتكويناته الصخرية المذهلة، فربما تكون المتعة الوحيدة التي كسبتها من هذه الرحلة، طبعاً إلى جانب تشرفي بمقابلة سعادة البيه المقدم في المطار. تمر السفن الإسرائيلية وغيرها من سفن الدول الأخرى من مضيق تيران ورأس محمد شمالاً وجنوباً دون أي إزعاج، حتى من مراقب يحمل منظاراً مقرباً،،، وبينما كان الآخرون يسبحون ويمرحون، كنت أشم من حولي – عبر خط المياه الزرقاء – رائحة دماء الشهداء المصريين الذين سقطوا على هذه الأرض دفاعاً عن حقهم فيها، لكن تضحياتهم ذهبت سدى وكأنها لم تكن، وفي الوقت الذي كانت ترن في أذنيَّ أناشيد (الله أكبر فوق كيد المعتدي) و (والله زمان يا سلاحي)، و (حنحارب، كل الناس حتحارب)، في هذا الوقت بالذات كانت هناك أغنية تصدح من ميكروفون المركب، والركاب - العرب فقط - يتمايلون طرباً لسماعها، تقول كلماتها (إحنا شعب وإنتو شعب، رغم إنو الرب واحد، لينا رب وليكو رب)، فأدركت أن أرض الكنانة تتقدم هذه الأيام بسرعة الضوء،،، إلى الوراء. هكذا أنا دائماً، كما أعرف نفسي دون أن يخبرني أحد: سوداوي الطبع ، أستحضر النكد والهم والغم، بينما الآخرون في قمة الانبساط، يغنون ويسبحون، يسرحون ويمرحون.
مساء، كان لا بد من جلسة أمام جهاز التلفاز لمتابعة ما يجري في بر المحروسة، وهنا تذكرت حديثاً دار بعد ظهر اليوم بيني وبين رجل مصري مسن، وذلك بعد أن وثقت أنه لن يشي بي لدى سلطات الأمن أنني لست مصرياً، إذ تحدثت معه باللهجة المصرية، فسألني الرجل: هل سمعت آخر نكتة؟ – وهذا سؤال يتكرر سماعه من أي مصري ظريف لو جلست معه لأول مرة -، فلما هززت رأسي بالنفي، انفرجت أساريره، وأدرك أن فرصته في الحديث قد واتته بعد أن كان قد أمضى يوماً مملاً صامتاً في دكانه، دون أن يبيع ولو بجنيه مصري واحد. قال: (يقولون أن رابطة أطباء القلب والشرايين في مصر قد أصدرت مؤخراً نصيحة للمرضى الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم، بمشاهدة برامج التلفزيون المصري، وإذا كان تناول الطرشي والأغذية المالحة لا يفيد، فهم متأكدون بأن البرامج التلفزيونية المصرية هذه الأيام تنفع في هذه الحالة فترفع ضغط الدم، إذ يستعيد ذوو الضغط المنخفض ضغوطهم الطبيعية بعد جلستين أمام أية قناة تلفزيونية، وعلى الأكثر بعد أربع جلسات)، وتصنع الرجل طابع الجد وهو يتابع(زوجتي الحاجّة أم محمد – ربنا يخليها - كانت تعاني من انخفاض ضغط الدم الوراثي، وقد استعملت هذه الوصفة، وهي الآن ما شاء الله عال العال)، وقبل أن أبادر بسؤاله، بادرني وهو يضحك بخبث (لا، أبداً يا سعادة البيه، مع هذه النصيحة، وجه الأطباء – ربنا يكرمهم – نصيحة أخرى إلى ذوي الضغط العادي والمرتفع بتجنب مشاهدة البرامج السياسية من أخبار وتعليقات، والتوجه بدلاً من ذلك إلى المحطات الفكاهية، كـ"النيل كوميدي"، أو "زمان" التي تعرض أفلام الأبيض والأسود، أو أية قناة من قنوات "روتانا" بِتوع الهِشِّك بِشِّك)، ثم تابع العجوز وقد انقلب على ظهره ضاحكاً: ويقولون أيضاً أن برامج الفضائيات المصرية في المرحلة المقبلة ربما ستنفع في القضاء على فيروس الكبد الوبائي).
هنا وأنا أحاول فتح جهاز التلفاز، تذكرت نصيحة ذلك الرجل الظريف، ومع ذلك – ولأنني لم أصدق روايته بالكامل – بل اعتبرتها مجرد نكتة فحسب، فقد شغلت التلفاز، وإذا بي – لا أراكم الله – أفاجأ بشعار مثبت أعلى شمال الشاشة يقول (Egypt fight terrorism) (مصر تحارب الإرهاب)، أجفلت، فغيرت القناة إلى غيرها، ثم إلى غيرها، فإذا بجميع القنوات تتبنى نفس الشعار، والمضحك في الأمر أن وزير السياحة كان يجلس في إحدى القنوات أمام محاوره وهو يتحدث بحماس (غير تلك التي في غزة) عن آفاق تنشيط السياحة، تلك التي يعتمد الاقتصاد المصري عليها وعلى قناة السويس، بعد اعتماده على الله وأمريكا. تساءلت في نفسي: في شعب تتجاوز نسبة الأمية فيه – طبعاً في اللغة العربية - الأربعين في المئة، لمن يوضع هذا الشعار؟، إنْ للمصريين، فغالبيتهم لا تقرأ العربية، ناهيك عن الإنكليزية، وإن كان للغربيين، فمن هو الأوربي أو الأمريكي الذي يشاهد قنوات تلفزيون مصرية؟. حتى هنا حاولت ألا يرتفع ضغط دمي، ولم أبالِ بالأمر، ربما متأثراً بنصيحة العجوز، لكن ما أصابني بالفزع، وجعلني أركض إلى الشرفة لاستطلاع الأمر، أن إحدى الفضائيات المصرية بزّتْ أخواتها الفضائيات، فتبنت شعاراً مرعباً ثبتته باللغة الإنكليزية أيضاً، على شمال أعلى الشاشة يقول:( Egypt under attack)، (مصر تحت الهجوم)، صدقوني والله، هذه ليست نكتة (وهي فضائية "البلد")، فاعتقدت أن هذه القناة ربما تكون قد سبقت غيرها في إذاعة نبأ هجوم عسكري على مصر، والذي ربما سوف يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، ومن الشرفة كنت أحاول استراق السمع، علني أسمع أصوات انفجارات وأزيز طائرات، أو أية أصوات أخرى مما نسمعه في الحروب، لكن الظلام كان مخيماً، والصمت مطبقاً، والقلة من النزلاء كانوا نياماً، فتذكرت أنني – حتى لو هوجمت مصر، ولم يبق فيها حجر على حجر، لا سمح الله – فأنا في أأمن مكان فيها:وكر الشيخ.
مرت الإجازة تقريباً على خير، وأثناء المغادرة، وبعد أن وضعت حقيبة الظهر التي سأحملها بيدي في الطائرة على جهاز تفتيش الأمتعة، طلب مني موظف الأمن فتح الحقيبة، ففعلت. أخرج منها منظاراً مقرباً أحمله معي دائماً عند السفر،،، وضع المنظار على عينيه بالمقلوب، ففوجيء أن رأى المنظر تحت الجذر التكعيبي، وقبل أن يضحك عليه من يشاهدونه، أرشده مساعده إلى كيفية استخدام المنظار، فلما نظر فيه ثانية، دهش لدرجة التقريب الكبيرة،،، نزعه عن عينيه، ثم أعاده مرة أخرى لكي يتأكد مما يرى، ثم، وبخبرة المتمرس في شؤون الأمن والمناظير المقربة والمبعِّدة، المنافح عن سلامة الوطن، رفض أن آخذ المنظار معي، وطلب مني إعادته لوضعه في الحقيبة المشحونة في كابينة الشحن في الطائرة،،، ذهلت من هذا الطلب، فصرخت فيه: وهل تخشى أن أراقب بالمنظار كابتن الطائرة والمضيفات والركاب؟، فلما أدرك حجم انزعاجي من طلبه، وربما لمح جواز سفري في يدي، وبعد أن تدخل مساعدوه، سمح لي بوضع المنظار في حقيبة الظهر. عندها أدركت أن الله لا شك يحمي أرض الكنانة من كل سوء وأذية بفضل هذا الرجل وأمثاله!، الساهرين على أمن الوطن والمواطن!.
بينما كانت الطائرة تقلع، سرحت بفكري بعيداً: فقد دخلت أرض المحروسة منذ أسبوع وأنا أمريكي الجنسية، فلسطيني المولد، عربي القلب، مصري الهوى، والآن أخرج منها وأنا لا أكاد أرى أبعد من أنفي رغم أن المنظار المقرب معي، لكنه لن ينفعني بعد اليوم. لقد تداخلت الاتجاهات في ذهني، فقد أضعت البوصلة.      
  

Monday, September 9, 2013

الله يرحم الشهداء

 بشار الأسد، بناء على نصيحة من الثلاثي المرح: (وليد المعلم، بثينة شعبان، مسيلمة الجعفري)، سيقوم بتسليم البراميل التي كُتِب عليها (صنع في السعودية) إلى الولايات المتحدة على أنها السلاح الكيميائي الوحيد الذي يمتلكه جيش حماة الديار. ولاختصار الشر، سيقبل أوباما بذلك، ويقفل ملف سوريا، ويستمر القتل الرحيم! بالطيران والسكود، كما كان قبل استخدام الكيميائي في الغوطة، ونكون قد وصلنا 2014 لإجراء استفتاء نزيه!، وكل استفتاء وأنتم بخير، لإعادة انتخاب أبي حافظ 7 سنوات أخرى، ونبقى نسترجع ونحوقل ونحن نردد القول الجزائري: الله يرحم الشهداء.
https://mail.google.com/mail/u/0/images/cleardot.gif

قضية للمراجعة: هل كان غريباً أن تقدم الإسبان وتطوروا بعد أن طردوا العرب من بلاد الأندلس، وأليس غريباً كذلك أن تقدم الأتراك وتطوروا بعد أن طردهم العرب من بلاد الشام؟. مفارقة بحاجة إلى قليل من التمعن. 

نظارة من فييتنام

نظارة من فييتنام
لم تكن هذه الرحلة السياحية في نهر الميكونغ سوى تجربة فريدة في هذه البلاد الغريبة، يستمتع ركاب القارب أثناءها بمناظر طبيعية خلابة، وبمشهد الفلاحين في قراهم على الضفتين، يتقون بقبعاتهم المستديرة المصنوعة من القش حر شمس لاهبة،،، تحمل بعض النساء منهم أطفالهن على ظهورهن، بينما يغرسن شتلات الأرز، أويقطفن أوراق الشاي، والرجال يحملون على أكتافهم عُصِيٍّ طويلة، ثبتت في نهايتيها سلال احتوت على بعض الغلال من خضروات وفواكه، وجواميس ضخمة يمتطيها صبية يتنافسون في الإسراع بها إلى قرى مجاورة. مهرجان قروي آسيوي بامتياز، لم تره عين شرق أوسطي سوى في الصور أو في الأفلام، والمركب السياحي الذي يقل مجموعة من السياح الأجانب، مع بعضٍ من أهل البلاد، يتهادى صاعداً مجرى النهر، ودليل سياحي يقدم شرحاً عما يراه ركاب القارب بلغة إنكليزية بائسة، ربما فهموا ما يقوله بصورة أفضل لو كان قدمها بلغته الوطنية - التي لا يعرفون منها حرفاً - مع الإشارة، وصاحبنا العربي هذا بين كل هذا الهرج والمرج الذي يحيط به، لا يدري كيف رمته الأقدار إلى فييتنام، في مهمة من شركته الخليجية التي تبحث عن فرص تصدير إلى دول جنوب شرق آسيا.
تضع على عينيها نظارة شمسية سوداء كبيرة، بحيث وصلت حافتها السفلى أسفل وجنتيها، تجلس قبالته، بانحراف قليل إلى الشمال، دأبت على التحديق في وجهه منذ انطلق القارب في رحلته قبل ساعة ونصف، من أناقة ملابسها استنتج أنها على جانب لا بأس به من الثراء، والحلي الذهبية التي تدلت على صدرها وأذنيها، أو تحلقت حول معصميها، تشي بالميسور من الحال. إلى جانبها جلس رجل بدا أصغر منها سناً، ربما كان زوجاً احتمل فارق السن بينهما مقابل فارق الثروة، اختارته بعد وفاة زوجها العجوز الذي أورثها ثروة محترمة، فانفتاح هذه البلاد اقتصادياً بعد خروج المحتلين الأمريكان - مع مراقبة حكومية واضحة - قد أفرز عدداً من رجال الأعمال الوطنيين، خاصة من أولئك الذين كانوا يدرسون العلوم الاقتصادية في جامعات الغرب، بينما كان أبناء جلدتهم يقاتلون المحتلين ويموتون بعشرات الآلاف، لكن هكذا هو طبع الثورات: قادتها المفكرون، ووقودها الأميون، وورثتها المتعلمون، فهل كان زوجها الراحل من بين أولئك المتعلمين الذين ورثوا الثورة، وورثت هي عنه بدورها هذه الثروة؟.
بينما القارب ماضٍ في رحلته، والدليل مستمرٌ، بل ومغرق في شرحه، لم ترفع ناظريها عنه. قال في نفسه: هي النظارات السوداء، لا يضعها على عينيه إلا من خشي أشعة الشمس أن تؤذيهما، أو من استلقى على شاطيء بحر، تحت أشعة شمس لاهبة، يبغي جسداً برونزياً، أو أن يكون عنصر أمن يتابع مشبوهاً، غيرأن ما يجول في خاطره في هذا الموقف الذي هو فيه، ذلك النوع من الناس الذي يهوى أن يسترق النظر والتلصص على الآخرين من خلف نظارته دون أن يلحظه أحد،،، يجيل عينيه في جميع الاتجاهات، ويتجاوز حدود الحرمات، دون أن يلفت الانتباه إليه، أو يُشعِرَ الآخرين بما يقوم به، فهل تكون هي من هذا النوع الأخير؟، ثم: لماذا لا تنظر في وجه غيره، فيستريح هو من هاجس الشك، ويتذكر أن بعض الظن إثم؟.
كان الشاب الجالس إلى جوارها يكلمها، فتجيبه باقتضاب دون أن تنظر إليه، ويحاول لفت انتباهها إلى أمر ما، فلا تلقي إليه بالاً، ناظرة إلى الجالس قبالتها بتمعن يوحي بتحد وإصرار. هل يعقل أن هذه السيدة معجبة به لوسامته الشرق أوسطية؟، فهذا النوع من الزوار هم قلة من البشرالتي يراها سكان هذه البلاد، أم هل تخطط لمغادرة بلادها عن طريقه، والنجاة بثروتها الطائلة إلى بلاد أكثر حرية في مجال الأعمال، هرباً من مراقبة حكومية صارمة تتحكم بمفاصل الاقتصاد؟، فالتصدير والاستيراد في هذه البلاد، بكافة أنواعه، لا يهم إلى أين ومن أين، لا بد لمن يعمل في مجالهما من معاملات حكومية تستنزف الوقت والجهد، ناهيك عن المبالغ التي يتقاضاها الموظفون الحكوميون كَرِشاً، بعد أن ازداد التضخم في العملة المحلية عقب التحرير والاستقلال، وأصبح الراتب الشهري لا يكاد يكفي الموظف لأكثر من عشرة أيام. جميع هذه النفقات المترتبة على الحصول على أذونات الاستيراد والتصدير، إلى جانب تدخل الدولة في تحديد الأسعار،علاوة على تدهور قيمة العملة المحلية أمام الدولار، كل ذلك جعل العمل التجاري في هذه البلاد لا يعود على صاحبه بالمردود المناسب للجهد المبذول فيه، ومن المؤكد أنها تعمل في هذا المجال. تذكر أنه لا يضع على عينيه نظارته الشمسية، ففتح علبتها،،، نظفها بقطعة قماش، ثم وضعها على عينيه، فحركت هي نظارتها بيدها دون أن ترفعها عن عينيها، بينما ما زالت تحدق فيه من خلف النظارة. أقنعه ذلك بأن شكوكه قد تكون في محلها،،، تمايل القارب بفعل موجة عارضة، فمال هو إلى جانبه، فمالت هي إلى جانبها دون سائر الركاب. لقد اقترب شكه من عين اليقين.
الدليل يدعو الركاب إلى تناول بعض المرطبات والسندويتشات، وقبل أن تنهض للتوجه إلى المنضدة لتناول حاجتها من الطعام، رجاها الشاب الذي بصحبتها أن تبقى في مكانها، وأنه سوف يقوم بخدمتها، مستفسراً منها عما تفضله من طعام،،، هكذا خمن الشرق أوسطي قبل أن يقوم لأخذ حاجته من الطعام كذلك.
لو صدق ظنه وكانت شكوكه في محلها، فماذا ستكون الخطوة التالية بعد الانتهاء من هذه الرحلة؟، هل ستقوم بصرف مرافقها بحجة إحضاره شيئاً ما تخترعه؟، كأن يكون دواءاً من صيدلية، أو شراء لحاجة ما، فعندها سوف يكون لديها الوقت للحديث معه، خاصة ولابد أنها   تتكلم اللغة الانكليزية طالما أنها تعمل في مجال التجارة كما خمن. ثم ماذا بعد؟، قال في نفسه: لا شئ، دع المقادير تجري في أعنتها، ولكل حادث حديث.
تاق إلى انتهاء هذه الرحلة في أسرع وقت، وماهي إلا نصف ساعة من الزمن، حتى خفف القارب من سرعته، وجنح به قبطانه إلى المرسى ببطء، بينما تسارعت دقات قلب الأسمر المقبل على مغامرة جنوب شرق آسيوية، وتوقف عقله عن التفكير في ما سيحدث بعد النزول على اليابسة. توقف القارب تماماً، وشرع الركاب في مغادرته،،، السيدة اتكأت على ذراع مرافقها، الذي قادها برفق إلى سلم النزول من القارب، منبهاً إياها كي تتوخى الحذر. عندها تذكر صاحبنا أن العميان أيضاً، إضافة إلى الآخرين، يضعون على أعينهم نظارات شمسية سوداء.




Saturday, September 7, 2013

وزراء الدفاع،،، عن مصالحهم

وزراء الدفاع،،، عن مصالحهم
لا شك أن المتتبع للتاريخ العربي المعاصر، لن يجد كبير عناء في إدراك الشبه الكبير بين الحركة التصحيحية التي قام بها وزير الدفاع السوري الفريق حافظ الأسد يوم 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1970، والحركة التي قام بها وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي يوم 3 تموز/ يوليو 2013.
1- ففي الحالتين، كان اللذان قاما بالحركة التصحيحية هما وزيري دفاع سوريا ومصر، وكلاهما يحمل رتبة فريق في القوات المسلحة.
2- وإذا كان لتاريخ ميلاد الرجل علاقة بالحياة العامة، فإن حافظ الأسد ولد في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1930، أي قبل 43 عاماً بالضبط من بداية حرب أكتوبر 1973، والتي كرست ضياع الجولان، أما عبد الفتاح السيسي فقد ولد يوم 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، أي قبل 23 عاماً بالضبط من زيارة السادات للقدس في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977، وبالتالي ضياع القضية العربية. أما تاريخ ميلاد بشار الأسد في 11 أيلول/ سبتمبر 1965، أي بالضبط قبل 36 عاماً من أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، والتي كانت كارثة على العالم، فمصادفة لا تحتاج إلى تعليق.    
3- ففي الحالة الأولى "السورية": انقلب حافظ الأسد على رئيسه، نور الدين الأتاسي، وأودعه السجن مع باقي أعدائه السياسيين. ولإلقاء بعض الضوء على ذلك الحدث، لا بد من العودة إلى كانون الثاني/ يناير 1968 عندما اتهمت القيادة القومية لحزب البعث، حافظ الأسد وزير الدفاع السوري، بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية، وطردته من بين صفوفها، وذلك بعد سقوط مرتفعات الجولان بيد الإسرائيليين دون قتال، إلا أن تدخل أنصاره في اللجنة الخماسية العسكرية (محمد عمران – عبد الكريم الجندي – أحمد المير- صلاح جديد) التي شكلها في القاهرة أثناء الوحدة للعمل ضدها، ووصول البعث إلى السلطة بعد فصل سوريا عن مصر، هذا التدخل أرغم القيادة القومية على التراجع عن طرد الأسد، غير أن ذلك لم يجعله ينسى لها اتهامها له، فقام بحركته، والتي أسماها (تصحيحية)، بتشتيت شمل القيادة القومية، ففر من فر منها إلى العراق (ميشيل عفلق – شبلي العيسمي وغيرهما)، وفر البعض الآخر إلى أوربا (صلاح الدين البيطار إلى فرنسا)، أما محمد عمران الذي فر إلى لبنان،فقد اغتيل فيما بعد في طرابلس، واعتقل رئيس الدولة نور الدين الأتاسي وكذلك محمد عمران وصلاح جديد في سجن المزة حتى الموت، وبعد ذلك اغتيل عبد الكريم الجندي في دمشق بدعوى أنه انتحر. وقد نظم أنصار الأسد مظاهرات مؤيدة له في بعض المدن السورية، وطرح نفسه على استفتاء لرئاسة الجمهورية دون منافس، وفاز بها في آذار/ مارس 1971.
أما في الحالة الثانية "المصرية": فقد قام بحركة 3 تموز/يوليو وزير الدفاع المصري أيضاً، وكما سيناريو حافظ الأسد، فقد اعتقل السيسي رئيسه محمد مرسي، وإذا كانت حركة الأسد قد جاءت ضد جزء من حزب البعث، وهو القيادة القومية، فإن حركة السيسي قد جاءت لكي تكون في مواجهة حركة الإخوان المسلمين وحزبهم (الحرية والعدالة)، ولئن كانت القيادة القومية التي انقلب عليها حافظ الأسد قد وصلت إلى السلطة بانقلاب عسكري بعد 8 آذار/ مارس 1963، وأخذت شرعيتها من كونها جاءت في أعقاب حكم الانفصال، وبادعاءات – ثبت زيفها - لاستعادة الوحدة مع مصر، إلا أن وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر قد جاء عن طريق عملية انتخابية شفافة. وكما شتت الأسد رفاق الأمس في الحزب واللجنة العسكرية، فكذلك يفعل السيسي هذه الأيام مع محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الذي عينه السيسي بنفسه، وملاحقة عمرو حمزاوي وأيمن نور وغيرهم من رفاق الدرب، والباقي يتبع، وهذه جميعها تذكر بنفس أسلوب حافظ الأسد.
4- وكما في سوريا، كذلك في مصر، فقد عادى وزيرا الدفاع المذكورين حركة الإخوان المسلمين في بلديهما، ولئن راوح الأسد في علاقته بالإخوان السوريين بين شد وجذب انتهى بمجزرة حماة عام 82، وصدور القانون 49 الذي ينص على الحكم بالإعدام على كل من تثبت عليه تهمة الانتماء إلى حركة الإخوان المسلمين، فإن السيسي قد افتتح عهده بتخوين الإخوان المسلمين، واعتقال قياداتهم السياسية بطريقة فجة. وللمفارقة، فإن حافظ الأسد الذي كنا نعتقد أنه أسوأ دكتاتور في العصر الحديث، كان قد ألقى بمعارضيه في سجون معروفة العناوين، كسجون المزة وتدمر وصيدنايا، أما السيسي فقد اعتقل محمد مرسي بطريقة تخجل منها عتاة المافيات العالمية، (يذكرنا ذلك باختطاف الألوية الحمراء الإيطالية رئيس الوزراء الإيطالي آلدو مورو عام 1978 في مكان مجهول، ثم قتله)، وذلك عندما احتُجِزَ محمد مرسي في مكان مجهول لم يسمح حتى لعائلته وطبيبه معرفة عنوانه، وذلك بذريعة حمايته، فهل كانت زوجة محمد مرسي وأولاده وطبيبه يخططون لاغتياله؟.
5- ألغى حافظ الأسد جميع مظاهر الحياة الديمقراطية من أحزاب سياسية وصحافة حرة ونقابات مهنية، واقتصر الإعلام منذ عهده إلى الآن على 3 صحف حكومية (البعث – تشرين – الثورة)، وعلى قنوات فضائية تملكها الدولة، وتديرها أجهزة المخابرات، فكذلك أقفل السيسي جميع القنوات التلفزيونية التي يشتم منها رائحة المعارضة، كما طالت الاتهامات بالخيانة والعمالة للخارج الكثير من الصحفيين وأصحاب الرأي، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر قبل حركة السيسي تعد من بين أفضل المجتمعات العربية في التجانس الاجتماعي، يجنح بعض الصحفيين والكتاب الموالين للعهد الجديد إلى إطلاق لقب (طائفة) على الإخوان المسلمين، غير مدركين بغباء لافت أن الطائفية تأخذ شكل العرقية (عربي – كردي)، أو الدينية (مسلم – مسيحي)، أو مذهبية (سني – شيعي)، وجميع هذه التصنيفات غير موجودة ضمن المجتمع المصري باستثناء (مسلم – قبطي) وهما عنصران اجتمعا معاً لأكثر من 14 قرناً دون مشاكل تذكر. وفي الحديث عن الإعلاميين المصريين هذه الأيام، فقد ساد الظن بأن الحرية الإعلامية النسبية التي أتاحها حكم مبارك لا بد قد أفرزت صحفيين ذوي مهنية عالية، لكن ما يبثه الإعلام المصري هذه الأيام يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا الظن لم يكن في محله، ومتابعة الصحف والفضائيات المصرية الآن يبعث على الغثيان.   
6- بعد الحركة التصحيحية بأربعة أشهر، وصل حافظ الأسد إلى رئاسة الدولة السورية، وعليه فإن السيسي يمكن أن يصبح رئيساً لمصر في شهر نوفمبر المقبل، هذا إذا اتفقت المصادفات بين الرجلين، وما الحملات الدعائية التي يقوم بها الإعلام المصري حالياً لتمجيد شخص السيسي، وتشبيهه بجمال عبد الناصر، سوى مقدمة لوصوله إلى رئاسة مصر، وبذا يكون الجيش المصري قد استعاد رئاسة البلاد من أيدي المدنيين (ولو كره الكافرون).
7- بعد وصوله إلى السلطة، فتح حافظ الأسد باب الصراع مع العراق على مصراعيه، وقدم العداء مع العراق على العداء مع إسرائيل، كذلك فعل السيسي عندما فجر العداء مع حركة حماس، متناسياً عداء مصر التاريخي مع إسرائيل.
8- لم يصل السوريون إلى ما وصلوا إليه اليوم من دمار للبلاد والعباد إلا بسكوتهم على حكم حافظ الأسد وابنه لما يزيد على الأربعين عاماً، وهذا ما يحاول المصريون هذه الأيام أن يأخذوا الدرس والعبرة منه، وتوقف المظاهرات المطالبة باستعادة الشرعية وطرد العسكر سوف يؤدي بالمصريين إلى ما أدى إليه سكوت السوريين على نظام حكم يشبه كثيراً نظام الحكم القائم حالياً في أرض الكنانة.
9- أخيراً: كنت أتمنى لو أن الفريق عبد الفتاح السيسي قد أطلق على انقلابه مصطلح (حركة تصحيحية)، إذاً لأراحني من عناء كتابة هذا المقال.
7 سبتمبر 2013

Monday, September 2, 2013

الطائر الجاسوس

الطائر الجاسوس
نظراً لانعدام الثقة عند انقلابيي مصر، فقد اعتقلت! السلطات المصرية طائراً مهاجراً كان يعبر فوق بر المحروسة! في طريقه إلى القطب الجنوبي لقضاء فترة الصيف القطبي هناك، وبما أن ذلك الطائر لم يحصل على تأشيرة مرور - ترانزيت - في سماء مصر، فقد أجبره سلاح الجو المصري - الذي لا يمكنه التحليق فوق سيناء المحررة!!! بموجب معاهدة كامب ديفيد إلا بإذن من إسرائيل - أجبره على الهبوط الاضطراري، ولدى تفتيش الطائر، وجد في رقبته جهاز تجسس بالغ التعقيد، فوضع الطائر في الحبس 15 يوماً على ذمة التحقيق، وأرسل الجهاز إلى لجنة فنية لفحصه، كما تم التأكيد على جميع دوريات الحدود أن تتنبه إلى احتمال تسلل غزلان أو ضباع، أو غيرها من الحيوانات البرية، إلى الأراضي المصرية وبحوزتها أجهزة تجسس مماثلة.
بعد فحص الجهاز المذكور، وجد أنه جهاز تتبع المسار، علقه في صدر الطائر علماء تتبع طريق هجرة الطيور. اللجنة الأمنية التي فحصت الجهاز، أرسلت تقريرها إلى جهاز المخابرات العامة المصري تقول فيه: بعد أن فضحتمونا أمام جمعيات حقوق الإنسان، ها أنتم الآن  تفضحوننا  أمام علماء تتبع مسار الحيوان. (خبر اعتقال الطائر المذكور هو خبر حقيقي وليس نكتة، كما تقول الأخبار بأن هناك بطة مشبوهة في نهر النيل معلق في رقبتها جهاز تجسس - ربما تكون حماس قد أرسلتها-).

Saturday, August 3, 2013

أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
-       سوريا: الجيش الحر، مقابل الجيش النظامي.
-       لبنان: 8 آذار، مقابل 14 آذار.
-       العراق: مثلث أضلاعه متقابلة: جنوب شيعي، ووسط سني، وشمال كردي.
-       مصر: رابعة العدوية، مقابل ميدان التحرير.
-       ليبيا: من يحاولون السير إلى الأمام، مقابل الذين يدفعون إلى الخلف.
-       تونس: حزب النهضة، مقابل اليسار العلماني.
-       الجزائر: الجنرالات، مقابل الشعب.
-       البحرين: الملك، مقابل رعاياه من الشيعة.
-       الكويت: الإسلاميون، مقابل العلمانيين.
-       اليمن: الشمال مقابل الجنوب، والسنيون مقابل الحوثيين.
-       السودان: جنوب ينتج النفط، مقابل شمال يتحكم بتصديره.
-       فلسطين: فتح في الضفة، مقابل حماس في غزة.
-       أما الصومال: فصبّح صبّح يا عمي الحاج، الكل مقابل الكل.
-       أخيراً:
-       إسرائيل: مقابل الجميع.
هل عرفتم الآن كيف أن العنوان كان كذبة كبيرة، حاولنا لمدة 100 عام تصديقها، ولكنها أبت إلا أن تبقى كذبة، وكبيرة أيضاً.


Saturday, July 27, 2013

الرقم الصعب

موقف النظام العربي الحالي من القضايا العربية والدولية، رقم صامد، لا يقبل  الانقسام والقسمة: لأنه صفر.