الهرم الرابع

من غرائب المصريين أنهم يفتشون دائماً عن شيء يشبهونه بالهرم الرابع: فعندما توفي عبد الناصر وصفه نزار قباني، باسم العرب والمصريين بـ (الهرم الرابع)، وعندما فاز أنور السادات بجائزة نوبل للسلام، مناصفة مع بيغن، وصفه المصريون بـ (الهرم الرابع)، وعندما نال نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب، وصفه الكتاب المصريون بـ (الهرم الرابع)، وكذلك عندما نالها أحمد زويل وصفوه بـ (الهرم الرابع)، والآن عندما شقت تفريعة قناة السويس، أطلق المصريون عليها (الهرم الرابع).

أقترح أن تقوم وزارة الإسكان المصرية - بدل بناء المساكن للمصريين القابعين في العشوائيات - ببناء هرم رابع لكي يدفن فيه عبد الفتاح السيسي - بعد عمر طويل - لكي يرتاح المصريون من عبء تشبيه الأشياء بالهرم الرابع.

حديث إرضاع الكبير

يعجب المرء كيف يصل، خاصة إذا كان رجل دين، إلى حد إباحة الحرام المطلق بفتوى يطلق عليها (شرعية)، فما أثارته فتوى الدكتور عزت عطية حول إرضاع الكبير هي أنصع الأمثلة على التلاعب بالحديث الشريف إلى درجة جعله أضحوكة في أعين المتربصين به من أعداء الإسلام. وأصل الحديث هو ما ورد عن الرسول ص من أمرٍ لزوجة الصحابي حذيفة (رض) بإرضاع من كانت قد تبنته وهو صغير، وبعد إلغاء التبني، وخشية أن ترتكب حرماً بدخوله كرجل عليها، قال لها الرسول ص (أرضعيه يحرم عليك)، فهذا الحديث الشريف ورد في حالة خاصة لم تتكرر.

وإذا صح أي حديث عن إرضاع الكبير، فالنقاش يدور هنا حول ما تدل عليه لفظة (الكبير) لغةً، فالكبير هو الذي زاد حجمه في أمر ما، كالعمر أو المال أو المنصب أو الجاه، وهنا لو صح الحديث، فانظر رعاك الله إلى حال امرأة مسكينة عندما ترضع إبناً لأحد الملوك أو الأمراء أو الأثرياء، فتصبح أماً لهذا الصغير بالرضاعة، وتخيل فتح الله عليك حجم الخير الذي سيصيب هذه المسكينة عندما يكون لها ولد من الرضاعة أبوه ملك أو أمير أو ثري، والمعروف أن العرب كانت تسترضع لأبنائها، ومنهم حليمة السعدية التي أرضعت النبي ص، فهل هناك أعظم من أن يكون لحليمة السعدية، البدوية الفقيرة، ابنا هو رسول للعالمين.

في المسائل الفقهية الإسلامية هناك أمور ينبغي أن نعمل العقل فيها، لأنها بدون ذلك تصبح نثراً من الكلام، خطؤه أكثر من صوابه.

الشعب الفلسطيني شعب الجبارين

ربما كان أصدق وصف للشعب الفلسطيني، ذلك الذي قاله ياسر عرفات (الشعب الفلسطيني شعب الجبارين):

- شعب يرزح تحت احتلالين، وليس احتلالاً واحداً (إسرائيل وسلطة رام الله)، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب تخلى عنه العرب والمسلمون، وما زال يعتز بأنه شعب عربي مسلم، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب يرى أرضه تستلب، ومقدساته تنتهك أمام عينيه، ولا يحرك ساكناً، كيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب تنسق سلطته أمنياً مع من تدعي أنه عدوها، ويخنع لهذه السلطة، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب يعتقل نوابه الشرعيون، وتلغى حريته السياسية، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب تقتلع أشجار أرضه، وتدمر بيوته على رؤوس سكانها وهو يتفرج، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب يقتل أطفاله ويحرقون على يد الإسرائيليين، ويكتفي بالصراخ (بالروح بالدم)، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب انتهت صلاحية ما يسمى بـ (رئيس السلطة) منذ سنوات، وما زال يهتف بحياته، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب لا يعرف العدو من الصديق، فيصادق العدو، ويعادي الصديق، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب منقسم إلى فلسطينيي الداخل، وفلسطينيي الخارج، وفلسطينيي الضفة، وفلسطينيي غزة، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب يتسلم أحد مسؤوليه الوزارة، فلا يخرج منها إلا إلى الحمام، أو إلى القبر، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

- شعب مرَّ معظم أفراده على سجون الاحتلالين، ومازال الآلاف منهم معتقلين، بينما يقيم الأفراح والليالي الملاح، فكيف لا يكون شعب الجبارين؟.

فعلاً ربما كانت الجملة الوحيدة الصحيحة التي قالها ياسر عرفات: (الشعب الفلسطيني شعب الجبارين).

لماذا يتراجع الحوثيون

 بعد تكبيل يدي حزب الله وقطع لسانه منذ العام 2006، وانكفائه إلى ما وراء نهر الليطاني وفق القرار الأممي رقم 1701، وإعلانه أن طريق تحرير فلسطين يمر عبر تدمير المدن السورية، وباستمرار أزمة البرنامج النووي الإيراني مع الغرب، حاولت إيران الضغط على الولايات المتحدة بالحوار الخشن من خلال تهديد الملاحة الإسرائيلية في مضيق باب المندب، وهذا ما يفسر إسراع الحوثيين إلى احتلال ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، ثم التوجه جنوباً للسيطرة على الجانب اليمني من المضيق. 
بعد توصل إيران إلى توقيع الاتفاق النووي مع 5+1، انتفت فكرة الضغط على إسرائيل، فخف دعمها للحوثيين، فبدأوا بالتراجع من جنوب البلاد التي احتلوها بسرعة قياسية، مسببين الدمار والخراب في كل بقعة حلوا فيها، فحولوا عدن، كغيرها من المدن اليمنية، إلى (عدم).
هذه هي السياسة الإيرانية (الثورية) في المنطقة العربية: تدمير الدول العربية بيد أبنائها، مستغلين اختلافات (وليست خلافات) دينية، وبذلك تنفذ إيران ما تريده بالأيدي العربية وبالدماء العربية، دون أن يكسر لوح زجاج واحد في طهران.
محاولة الفصل بين معنى السياسة ومعنى الخبث، هي محاولة فاشلة.

هل توجد هناك أمة عربية وإسلامية؟

نصف مليون طفل فلسطيني في غزة مهددون بعدم الذهاب إلى مدارسهم بسبب توقف التمويل من وكالة الغوث، علاوة على توقف عمل ثلاثين ألف غزي.

منذ مدة ظهرت على صفحات التواصل الاجتماعي كذبة تقول بأن الأستاذ الأمير الشاب وليد (بحذف ألـ التعريف) بن طلال بن عبد العزيز قد تنازل عن ثروته، متبرعاً بها للأعمال الخيرية، وأحسب أن هذا الخبر قد ظهر في أول أبريل ككذبة مميزة، إذ لو كان هذا الخبر صحيحاً، وكان الأمير المذكور رجل خير وبر، فهل هناك أولى وأحب إلى الله من مساعدة أهل غزة، أولئك الذين نسيهم القريب أكثر من الغريب؟، فمعظم ميزانية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين تأتي  من ميزانيات دول كافرة!!!، بينما لا يساهم العالم العربي والإسلامي سوى بالنزر اليسير. (بالمناسبة: مئة مليون دولار فقط تساهم في حل هذه الأزمة، ولو مؤقتاً).

عندما سألني صديقي: هل توجد هناك أمة عربية وإسلامية؟ خشيت أن أقول (نعم)، لأن الكذب حرام.

خدعنا دولوسيبس، وأنصفنا أبو السيس

أنا، ومثلي كل ملايين الناس، كنا نعتقد أن قناة السويس قد افتتحت عام 1869 لكي تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بطول يصل إلى 165 كم، لكن القنوات الفضائية المصرية هذه الأيام قد صححت لنا هذه المعلومات الخطأ، فقررت أن قناة السويس سوف تفتتح لأول مرة في التاريخ في الأسبوع الأول من هذا الشهر، أغسطس، لكي ينعم الاقتصاد العالمي ببحبوحة لم يشهد لها مثيلاً في تاريخه، بمعنى أنها لم تكن قد افتتحت عام 1869 إلا على الورق فقط. أيضاً يخبرنا الإعلام المصري هذه الأيام أن طول القناة هو 194 كم (أي جمعوا طول القناة الأصلي مضافاً عليه طول تفريعة السيسي).(ألله يرحمك يا جمال حمدان، عبقرية الجغرافيين العرب والعالميين،على المعلومات التي خدعتنا بها عن قناة السويس الوهمية في موسوعتك العظيمة {مصر:عبقرية المكان}).

فعلاً، لن يشعر الإنسان بتفاهة الحياة وغدرها إلا عندما يشاهد فضائيات التطبيل والتزمير لنظام يحكم 90 مليون مصري برئيس متخلف ومجلس وزراء من القطط، أما الهيئات التشريعية والأهلية كمجلس الشعب ومجلس الشورى والنقابات المهنية، فلا لزوم لها في مصر خلال هذا القرن، القرن الحادي والعشرين، إذ أنها كمالية من كماليات الحياة السياسية المعاصرة..