Thursday, November 29, 2007

لم يبق لي سواها

تعارفنا بعد الفطام مباشرة ، وتحاببنا منذ سنوات المراهقة الأولى ، وتعاشقنا طيلة السنوات التي تلت ، لكنها مع ذلك لم تحظ مني حتى ولا بقصيدة حب واحدة ، رغم أنها كثيراً ما كانت تشتكيني إلى أمي ، وتدق الأرض بقدميها ، ولكن دون جدوى . في تلك الأيام كنت أكتب قصائدي بفوهة البندقية ، وأطرزها بالأحلام القومية ، وأضمِّخُها بعبير الحرية ، وأرسلها بالبريد السريع إلى الوطن . كنت أقول لها - عندما كانت تعاتبني بِرِقَّةِ الورد - : " لدينا وطن ينتظر،، فقط احلمي معي بالحرية وابشِري ، فلا بد يوماً سآتيك بما لم يكتبْهُ أحدٌ في أحد " .
بعد عرض مسرحية (زيارة القدس) ، جمدت أحرفي على فوهة بندقيتي المكسورة ، ورقدت كلماتي في جعبة جندي قتيل وُجِد مطعوناً في الظهر ، ونامت قصائدي بدون غطاء على رصيف مطبعة أقفلتها الرقابة ، فبدأتُ أفكر ثانية في تلك التي انتظرتني حتى ملَّها الملل ، ، تُراجع صندوق بريدها كل يوم مائة مرة ، تفتش عني بين طوابير المهزومين ، وتسأل عني جميع المقهورين ، دون جدوى ، إلى أن وصلتها مني ذات صباح قصاصة من ورق البردي أقول لها فيها : " ربما قد جاء يومُك فافرحي ، ، جرَّدوني من كل شيء إلاّ منك ، ، أفكر أن أكتب إليك في العشق عما قريب ، فلا تملّي الانتظار " .
بعد نشر فضيحة ( أوسلو ) ، تغيرت لغتي ، وتبدلت لهجتي ، ، بِعت على الأرصفة جميع قصائدي التي أنجزتُها أيام " الحلم القومي " ، ، حزمت أمتعتي واستأذنت الوطن مودِّعاً كي أتفرغ لنفسي ولحبيبتي ، فقبلني في جبيني والدموع في عينيه داعياً لي بطول العشق ، ولدهشتي ،، اكتشفت أنني ما زلت عاشقاً حتى أذنيَّ ، ولأنه لم يعدْ في العمر بقية ، هاأنذا أكتب إليكِ وفيكِ - وكما وعدتك - أجمل ما كتبه أحدٌ في أحد ، علَّك ترضين عني
يا عشقيَ القديم المتجدد ، فلقد أصبح العالم في نظري - وللأسف - أنت وأنا فقط ، وليذهب الجميع إلى الجحيم .

No comments: