Monday, November 26, 2007

بين الروديو والسياسة

" الروديو " هي واحدة من أشهر رياضات ( الكاوبوي ) رعاة البقر - هذا إن لم تكن أهمها على الإطلاق - وأحبها إلى قلوبهم ، وإلى من فاتهم شرف مشاهدتها أو التعرف عليها نقول إن هذه الرياضة تتلخص في إبراز قدرة راعي البقر في السيطرة على الخيول والثيران بامتطائها لأطول زمن ممكن ، والعجول بالسيطرة عليها وتوثيق أطرافها في أقصر زمن ممكن.
- بالنسبة للنوع الأول :
آ :الخيول : فقد كان من مهام فارس الروديو القديم أن يبقى ثابتاً على ظهر الحصان ، متشبثاً به ، لا ينزل عن ظهره مهما فعل الحصان من حركات تنم عن رفضه التطبيع والقبول بامتطائه ، متحملاً قفزه ورفسه ، إلى أن يقتنع الحصان أخيراً بأنه مهما فعل فإن راكبه لن ينزل عن ظهره ، فيعلن استسلامه و ( يتطبع ) ويخضع لراكبه بل ويأنس له ، وهذا ما نشاهده في أفلام رعاة البقر ، أما في مسابقات الروديو الحالية ، فيبدو أن الفارس قد يئس من تطبيع الحصان ، أو أن الحصان نفسه قد أنف الخضوع ، فاكتفى الفارس بالبقاء على ظهره أطول زمن ممكن.
ب: الثيران : ولأنه لا حاجة إلى تعويدها على القبول بأن تُركب ، فقد اكتفى لاعبا الروديو ، القديم والحديث ، بالبقاء على ظهورها أطول زمن ممكن ، قبل أن تطرحه أرضاً فيهب زملاؤه لتخليصه من بين قرونها وأظلافها. أما العِجل المسكين الذي يطارده راعي البقر وهو على صهوة جواده ، فليس له إلا مصير واحد هو دخول رقبته في أنشوطة الحبل الذي يلوح به الفارس ، وإلقاؤه أرضاً ، ثم تربيطه بالحبل في أقصر زمن ممكن.
وعلى عكس جميع الألعاب الرياضية - التي يتعاطف فيها الجمهور مع اللاعبين – أجد نفسي شاذاً عن باقي خلق الله ، متعاطفاً مع تلك الحيوانات المسكينة التي تتحمل كل عنتريات وقسوة راعي البقر. ولأن هذه اللعبة لا تمارس – على حد قول دوائر المعارف – إلا في أستراليا وأمريكا الشمالية ( الولايات المتحدة وكندا ) ، فإنني أجد نفسي مضطراً إلى الجزم بأن مسابقات الروديو كانت تُجرى في الماضي على سكان أستراليا الأصليين ( لا بورجيز ) وسكان أمريكا ألأصليين ( الهنود الحمر ) ، وعندما أوشك هذان العنصران على الانقراض، فربما طلب علماء السلالات البشرية من رعاة البقر استخدام الخيول والثيران والعجول بدل البشر.
جالت هذه الأفكار في خاطري وأنا جالس أمام التلفاز أتابع مسابقات الروديو ، وسرعان ما قفز إلى ذهني سؤال لعين خبيث : أي نوع من المخلوقات يعتبرنا رعاة البقر؟ :
- خيول تأبى في البداية ، ثم تخنع وتتطبع ؟
- أم ثيران تُركَبُ فترة من الزمن ، ثم تُسقط الراكب عن ظهورها انتظاراً لراكب جديد يأتي بعده ؟
- أم عجول ليس لها سوى مصير واحد : دخول رقابها في الأنشوطة ، ثم السقوط والتربيط ؟
عندئذ فقط أدركت لماذا تشترط الإدارة الأمريكية أن يكون وزراء خارجيتها ومبعوثوها إلى الشرق الأوسط من أبطال الروديو المشهورين .

No comments: