Sunday, January 2, 2011

أمٌ أم زوجةُ أبٍ

http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif

قرن الله تعالى عبادته بالإحسان إلى الوالدين (وبالوالدين إحسانا)، وأحسب أن باقي الأديان ـ حتى الوضعية منها ـ قد أوصت بالوالدين، وأمرت بالإحسان إليهما، ما لم يأمرا بمعصية.
ذات ليلة ليلاء من أواخر العقد الخامس من القرن الماضي، تسللت إلى منزل الأسرة عصابة غاشمة، ضربت الأب على رأسه، فدخل في غيبوبة شكك الأطباء في إمكان استفاقته منها، واغتصبت تلك العصابة أملاك الأسرة وطردتها منها، فلجأت العائلة إلى أبناء عمومة لها في القرى المجاورة. ولأن الأم كانت صغيرة السن، ضحلة التجربة، فقد تولى أبناء العم شؤون أبناء ابن عمهم القُصَّر، فما رعوها حق رعايتها، بل أمعنوا في ظلمهم والتحكم بتصرفاتهم، ولكن ما أن نضجت تجربة الأم واستوت قدرتها على رعاية أبنائها، حتى طلبت من أبناء العم رفع أيديهم عن شؤون أبنائها، فرحب هؤلاء بهذا الطلب لأنه أزاح عن كواهلهم مسؤولية لم يكونوا سعيدين بتحملها منذ البداية.
نجح الأبناء ـ وقد اشتد عودهم ـ أيما نجاح في إثبات وجودهم، وبقي قلبهم معلقاً بأبيهم الذي استمرت غيبوبته سنواتٍ طوالاً، دون ظهور أية بوادر على إمكانية استرداده وعيه. وبمساعدة أمهم التي نضجت بمرور الأيام، بدأت العائلة بالسعي الحثيث للبحث عن طرق تؤدي إلى استرداد رب العائلة وعيه وممتلكاته، وكادوا أن ينجحوا في ذلك، لولا إشاعات بدأت تدور على ألسنة بعض أهل الحي عن سلوك والدتهم، هذه الإشاعات التي وصلت إلى حد أن بعضهم أقسم أنه قد رآها في (مدريد) تجلس مع بعض أبناء العصابة التي تسببت في كارثتهم التي طال أمدها، الأمر الذي صدع الأسرة، مما دفع بعض الأبناء إلى الخروج من بيت العائلة احتجاجاً، والاستقرار بعيداً عنها، بينما استمر الباقون في الوثوق بوالدتهم، متأكدين أنها لن يهدأ لها بال قبل استعادة أبيهم وعيه واسترداده ممتلكاته، متذرعين بحقيقة أن بعض نساء الحي المحترمات كنَّ معها في نفس اجتماع (مدريد).
غير أن الأوضاع اتخذت مساراً آخر فجَّر العلاقة بين الأم وأبنائها، وذلك عندما جاءهم عدة شهود أغلظوا الأَيمانَ بأنهم قد رأوها ذات مساء من عام 93 في أحد مواخير (أوسلو)، تضاجع بعض أبناء وحفدة من سرقوهم وحاولوا قتل أبيهم.
هنا بات تفكك الأسرة أمراً لا مفر منه، حتى أن أحد الأبناء أعلن أن هذه السيدة لا يمكن أن تكون أمهم الحقيقية، بل ربما كانت خالتهم زوجة أبيهم، فتفرقت العائلة، ولم يبق مع الأم إلا ابن معتوه معوق مشوه عاجز منذ ولادته: أصمّ ٌأبكمٌ، عديمُ اليدين والرجلين.
فإذا كانت منظمة التحرير!!! الفلسطينية تعتقد أنها أم الفلسطينيين، والمسؤولة الوحيدة عن حاضرهم ومستقبلهم وربما ماضيهم، ولها وحدها الحق في تمثيلهم، وكتابة سيناريو نضالهم، فنقول لها: مكانك، منذ مدريد وحتى أوسلو كنا نقول لك سمعاً وطاعة يا أماه، أما الآن، ومنذ (أوسلو)، ولأنك سرت في طريق المعصية، فلا سمع ولا طاعة، تأسيساً على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأما أبونا (الحق الفلسطيني)، فإن لم نكن نحن، فسيكون أبناؤنا أو أحفادهم، حتى الحفيد العاشر، هم الذين سيعيدون له الوعي والأملاك، ولو بعد ألف سنة.

No comments: