Sunday, January 2, 2011

الرئيس الخبير في علم التخدير

http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif

مثلي مثل غيري من الكهول، قضيت في المستشفيات أوقاتاً أطول من تلك التي قضيتها منذ بداية دراستي ما قبل الابتدائية إلى أن انتهيت من دراستي ما بعد الجامعية، وابتلعت من الدواء أكثر مما تناولت من الطعام، ورقدت على الأسرة البيضاء أكثر مما غفيت في غرفة نومي، لكن أجمل تجربة لي في هذا المشوار الطويل مع المرض، كانت تجربة الخضوع لعملية التخدير، تلك التي تسبق أخذ خزعات من أنسجة الجسم بغية معرفة ما إذا كنت أنحدر من سلالة الاسكندر المقدوني أم من عشيرة جنكيز خان، أو لاستئصال عضو تعطل نتيجة مرض تسلل إلى جسدي بينما كنت مشغولاً بالكتابة عن المآسي والهموم التي تسللت إلى جسد الأمة. أجمل ما في عملية التخدير أنها توقف زمن المريض، وتخرجه من عالمه، وتكبت ألمه، حتى لو كانت المشارط والسكاكين تغوص في أعماق قلبه وأحشائه.
عندما تواردت هذه الخواطر إلى ذهني، تأكدت من أن الرئيس الأمريكي 'أبوعمامة' - على حد ترجمة رئيس عربي، موغل في الديمقراطية، لاسم أوباما، تأكدت من أنه قبل أن يدرس الحقوق تمهيداً للوصول إلى رئاسة بلاده، كان يعمل طبيب تخدير في احد مستشفيات شيكاغو، مستشهداً على سوء ظني هذا بأن جرعته المخدرة التي ما فتئ يحقن بها جسد سدنة القضية الفلسطينية هي قوله: (ضرورة قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل)، عند ذلك، وخلال ثوانٍ، يغيب حراس القضية عن الوعي، وتبدأ مشارط الاستيطان وسكاكين التهويد العمل في الجسد بسرعة ومهارة، وإذا ما حدث أن بدأ مفعول جرعة التخدير بالتلاشي فتحرك الجسد تحت وقع تلك المشارط والسكاكين، زاد طبيب التخدير جرعة المخدر بالقول: (نأمل في الدورة القادمة للأمم المتحدة أن يكون معنا - هنا في هذه القاعة - مندوب دولة فلسطين)، الآن - ولقوة مفعول هذه الجرعة - يستكين الجسد الفلسطيني ويهدأ، غير شاعر بأي ألم أو أذية، ثم إذا ما استشعر طبيب التخدير للمرة الثانية اقتراب انتهاء مفعول المخدرعلى المريض الراقد بين يديه قبل انتهاء عملية الاستيطان والتهويد، فإنه يعمد إلى حقن أوردته بمئات الملايين من الدولارات، تطيِّبُ خاطره، وتهدئ روعه، وتطيل مدة غيبوبته، وعندها لا يكون أمام ذلك المريض الفلسطيني سوى أمرين عليه أن يفاضل بينهما: إما أن يعاني من نوبات الألم، وربما الموت، لو توقف الطبيب عن إعطائه جرعات المخدر، أو أن يبقى تحت تأثير المخدر إلى ما شاء الله.
لكن، وللإنصاف، لا بد أن أضيف بأن أوباما ليس خبير التخدير الوحيد الذي تعامل مع مريضه (القضية الفلسطينية) عبر نصف القرن الماضي بجرعات قوية من المخدر، بل يبدو أن جميع الرؤساء الأمريكيين، بدءاً من جونسون وانتهاءا ب 'أبوعمامة'، بل ووزراء خارجيتهم أيضاً، كانوا جميعاً أخصائيين مهرة في علم التخدير.

No comments: