Sunday, August 12, 2007

شرعية ؟ ؟ ! ! ! أهلاً
في عصر ما بعد كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة ، تلك المهازل التي لم تجلب للأمة سوى الدمار والخراب ، والذي تُوّج بتدمير العراق العظيم وإعدام رئيسه الشهيد ، في هذا العصر الأغبر الأجرب ، يعجب المرء من تسلم البعض زمام المسؤولية ولا همَّ لهم إلاّ تسلمها فقط ، ولا يعرفون منها سوى تقبيل الخدود والأيدي البيضاء منها والسوداء ، على حد سواء ، وكذلك التمشّي على البساط الأحمر ، وكل ذلك وُفقوا فيه غاية التوفيق ، غير أن تغنّيهم بالشرعية ، وتمحكهم بالديمقراطية ، قد جلب عليهم وإليهم الاستهزاء والسخرية ، وجعل اللعنات تنصب عليهم من الجهات الأربع ، ومن فوقهم ومن تحت أرجلهم .

الهُمام محمود كرزاي - أقصد محمود عباس – صدّع رؤوسنا بالحديث عن الشرعية وضرورة احترامها من قبل الفصائل التي ترفض سلطته التافهة ، والتي لا تستند سوى إلى الدعم الرسمي العربي – الغير شرعي أصلاً – وإلى دعم أمريكا وإسرائيل ، الحليفين الوحيدين لسلطة هزيلة ، ، هذا الرئيس الهمام لم يحرك ساكناً عندما اختطفت إسرائيل – دعماً لسلطته – وزراء حكومته ، ونواب مجلسها التشريعي . لم نسمع أن عباس قد أثار مع أصدقائه الذين لم يمل تقبيلهم على شاشات التلفاز – تماماً كما كان يفعل سلفه الراحل والذي قتله نفس الذين كان يقبلهم – لم يثر ما قامت به إسرائيل من خطف واعتقال لشخصيات وطنية فلسطينية ، وعندما تقوم حماس بالدفاع عن نفسها أمام مؤامرات من عرف تاريخهم بالعمالة والتآمر ، يطالبها عباس بالعودة إلى الشرعية ، ولنا أن نسأله : أين كانت هذه الشرعية عندما تآمر عليها بليلٍ ووقع اتفاق الذل ، اتفاق أوسلو المشؤوم ، بينما كان وفد المنظمة المغفل يفاوض في واشنطن ؟ ، فلماذا لم يلجأ ( مهندس أوسلو ) إلى الشرعية الفلسطينية فيستفتي الشعب على اتفاق مصيري أثبتت الأيام أنه مشؤوم وتافه تفاهة من هندسه ووقعه . حذرنا حماس من مغبة الدخول في لعبة الديمقراطية مع ثعالب منظمة التحرير ! ! ، ولكن بعد أن وقع الفأس في الرأس فلا بد من قول الحقيقة مهما كانت قاسية .

أما الحديث عن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية ، وكونها ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ، فهو مهزلة تضاهي في سخافتها مهزلة أوسلو ، فعن أي تحرير وعن أية فلسطين يتحدث هؤلاء العباقرة ، وهل نسينا الجلسة المهزلة التي عقدها المجلس الوطني الفلسطيني في غزة ، وبحضور مجرم الحرب كلينتون صاحب كلاب وثعالب الصحراء ، لإلغاء بعض بنود الميثاق الوطني الفلسطيني ، والتي جردت منظمة التحرير من سبب وجودها ، ، هذا الاستغباء للشعب الفلسطيني لن يمر حتى على الأغبياء – رغم أن الأغبياء هم الذين اخترعوه – ولن ينتج سوى المزيد من الانقسام والشرذمة في صفوف الشعب ، في وقت نحتاج فيه إلى الترابط والتوحد أمام مشاريع معادية بدت معالمها واضحة في المنطقة العربية ، فهل يجرؤ أحد من عباقرة المنظمة بالمطالبة بتحرير حيفا ، بل أصغر قرية في سهل مرج ابن عامر ؟ نتحداه أن يفعل ذلك، ولن يفعل .

يبدو أن الخلل الذي وقع في الساحة الفلسطينية راجع إلى عدم إجراء انتخابات رئاسية بعد فوز حماس ، مما أنتج توأماً سيامياً في فلسطين ، رأسه الأول عباس الموالي للمشروع الإسرائيلي ، ورأسه الثاني حماس الموالية للمشروع الوطني الفلسطيني ، كما لو تخيلنا أن حسني مبارك رئيساً لمصر بحكومة من الإخوان المسلمين ، أو أن أحمدي نجاد رئيساً لإيران بحكومة من الشيوعيين ، وما لم يحل هذا الإشكال فسوف يتكرس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، ومن ثم اختصار القضية في الاعتراف بحكومة حماس في غزة كممثل وحيد للشعب الفلسطيني – خاصة إذا ما أجريت انتخابات مبكرة تفوز فيها حماس في غزة وفتح في الضفة – أما الضفة الغربية فمصير ما تبقى منها ، بعد حسم أراضي غرب الجدار وأراضي المستوطنات وسيطرة إسرائيل على وادي الأردن والمعابر ، فسيكون مصير ما تبقى من الضفة الغربية موزع بين سلطة متهاوية من جهة ، وبين إسرائيل والأردن من جهة ثانية . نعم ، هذه هي غزة : إمارة ليختنشتاين* الشرق الأوسط الجديد .

* أمارة تقع في وسط أوربا بين النمسا وألمانيا ، مساحتها 160 كم وعدد سكانها حوالي 30 ألفاً .

No comments: