Monday, July 3, 2017

من مقال قديم لي، نشر في صحيفة "الشرق الأوسط" منذ 27 سنة:
أخطاء مطبعية أم أخطاء شائعة؟
في العدد 5087 من الشرق الأوسط بتاريخ 1-11-1992 وفي الزاوية السفلى من الصفحة 14 ورد مقال يحمل العنوان التالي "دول الخليج تعتزم ترشيد استهلاك المياة (كذا)"، وقد درجت العادة أن تعتذر إدارة المطبوعة عن مثل هذه الأخطاء على أنها (أخطاء مطبعية)، ولكن كان الأجدر بها أن توصف بأنها (أخطاء شائعة)، ففي نفس المقال تتناوب النقطتان على كلمة (مياه) مرة بعد مرة، فأحياناً نجدها، وأحياناً نفتقدها، وكأن مصفف الأحرف ومراقبه قد أرادا بذلك إرضاء أذواق جميع القراء، هذا ناهيك عن همزة الوصل التي أبت إلا أن تظهر على ألف كلمة (استهلاك). القضية يا سادة بدأت تأخذ مجرىً أخطر من هذا، ويبدو أننا في عصر النظام العالمي الجديد والانفتاح والتسامح، قد بدأنا نتسامح كثيراً في كتابة لغتنا العربية، فالحديث عن الهاء المربوطة والتاء المربوطة والفارق بينهما، قد أصبح نوعاً من الحديث عن غرائب وعجائب لم يسمع بها أحد من قبل، ناهيك عن غرابة الحديث عن همزات الوصل والقطع.
ولو اقتصر الأمر على لافتات المحلات التجارية والشركات ولوحات الإعلانات لهان الأمر، غير أن ذلك العجز في الكتابة الصحيحة قد هاجم أقلام حتى بعض خريجي الجامعات، بل وحتى أقلام بعض الكتاب. إن مسؤولية العودة إلى الكتابة الصحيحة تقع على عاتق جهات ومؤسسات معروفة، وهي بالطبع ليست وزارات الزراعة والكهرباء والدفاع في الوطن العربي، ورحم الله زمناً كان فيه أساتذتنا في الجامعة يحتسبون الأخطاء الإملائية والنحوية كالأخطاء العلمية، يُحاسب عليها بحسم الدرجات.
7 نوفمبر 1992 (الشرق الأوسط).

No comments: