Wednesday, October 10, 2012

ماذا لو لم تنتصر الثورة السورية؟




    لا شك أن لأي حدث سياسي نتائج تتناسب مع حجمه، فالأحداث الكبرى تتبعها نتائج كبرى، وربما سيكون للثورة السورية الحالية - سواء نجحت أم فشلت - نتائج لم تخطر على بال أحد:
1
- إن لم يندحر نظام دمشق، ستواجه تركيا أحداثاً عاصفة تتمثل في تقوية شوكة الأكراد في جنوبها الشرقي، الذين سيحصلون على دعم سوري عراقي إيراني، وهو إن لم يؤد إلى قيام دولة كردية - وهي بالطبع ليست في صالح الدول الداعمة للأكراد - فسوف يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة التركية، وربما سيؤدي إلى عودة سيطرة الجنرالات على الحكم، خاصة بعد أن تم إقصاء الجيش عن التحكم بسياسيي الدولة، مما سيؤدي بالتالي إلى قيام ربيع تركي ضدهم يدخل تركيا في دوامة عنف مرعب، ناهيك عن مطامع اليونانيين في جزر متنازع عليها مع تركيا، وحقد الأرمن والروس من الشرق. يبدو أن تصدي تركيا لإسرائيل منذ محاولات فك الحصار عن غزة، ومشكلة أسطول الحرية، قد سببا لتركيا مشاكل هذه الأيام. كما أن بقاء نظام دمشق سوف يؤدي إلى مطالبة العلويين في لواء الاسكندرون بالانفصال عن تركيا والعودة إلى الوطن الأم: سوريا. هذا سيستتبع كبح ثورتهم بالقوة، وفي ذلك زعزعة للدولة التركية تحسب لها ألف حساب.
2-
 يجري كل ذلك على حدود تركيا الجنوبية بتجاهل تام من الناتو، الذي سوف يتصدع ضلعه الجنوبي، المتمثل بتركيا، مؤقتاً (إلى ما بعد عودة العسكر الأتراك)، فكما رفض الأوربيون قبول تركيا في السوق الأوربية المشتركة، سيوقفون فاعليتها في الناتو حتى إزاحة النظام الديمقراطي الإسلامي لحزب العدالة التركي. يبدو أن أردوغان وغول وأوغلو قد أخطأوا حساباتهم على أن تركيا جزء هام في الناتو، ونسوا عدم رضى أوربا وأمريكا عن قيام نظام تركي يجاهر بالإسلام، ويكون قدوة لدول الشرق الأوسط، خاصة تلك المحاذية لفلسطين.
3
- سوف تقوى شوكة إيران إلى الحد الذي سوف يدفعها إلى التمدد في ساحل الخليج الغربي منطلقة من العراق الشيعي، ومن سوريا العلوية، طبعاً بضمانات قاطعة للغرب فيما يتعلق بوجود قواعده ومصالحه النفطية.
4
- الدعم الإسرائيلي المطلق لإيران سوف يكون من سمات المرحلة المقبلة دون تحفظ أو حرج (وما تزويد إسرائيل لإيران بالأسلحة ببعيد)، فاشتراك الطرفين في العداء للعرب قاسم مشترك يجعلهما حليفين وثيقي الصلة، وما التهديد الإسرائيلي والغربي لإيران سوى ذر للرماد في عيون العرب.
5
- دعم إسرائيل المطلق للنظام السوري خلال الأزمة الحالية - والمتمثل بتثبيت الهدوء على جبهة الجولان، وباستخدام الآيباك لكبح جماح أية محاولة من الإدارة الأمريكية للعمل ضد النظام السوري - إذ لو كان لدى إسرائيل أية رغبة في إزالة النظام، فلن تجد أفضل من الظروف الحالية التي يخوض فيها حرباً شاملة ضد معارضيه، مما سيستتبع توقيع صلح وسلام شامل مع إسرائيل، يتم فيه نزع السلاح من الجولان - كسيناء مع كامب ديفيد - واستئجاره من قبل إسرائيل لمدة 99 سنة، وقيام علاقات ديبلوماسية كاملة.
6
- انتصار الثورة السورية هو وحده الكفيل بتفادي الكابوس الموصوف أعلاه، والنتائج الإيجابية لذلك أيضاً لا تخطر على بال بشر من حيث تغير الوضع الجيوسياسي لسوريا بشكل مذهل، وربما ستكون أولى نتائجه الهامة عودة الوحدة بين مصر وسوريا - إذا ما استقر النظامان في البلدين -، ولكن بشكل مختلف بالتأكيد عن الوحدة السابقة (1958-1961)، وربما استتبع ذلك جذب ليبيا وتونس وتركيا للانضمام إلى هذه الوحدة بمعاهدات عسكرية واقتصادية وثيقة، ولكل منا الحق في تخيل نتائج هذا الأمر لو حدث.
إذن: انتصار الثورة السورية أمر هام وحاسم وضروري لتماسك هذه المنطقة من العالم.

No comments: