Tuesday, July 22, 2014

كيد المنافقين

كيد المنافقين
في هذه الأيام التي تعيشها غزة تحت عدوان قل نظيره في التاريخ البشري، بين مجاهدين في مدينة محاصرة بسكانها الذين يناهزون المليوني نسمة، وبين جيش يعتبر من بين أقوى جيوش العالم عدداً وعدة، في هذه الأيام تجد إسقاطات لما يجري الآن على ما جرى من قبل، منذ 1400 سنة. نعم: إنها قصة المنافقين، هذا النوع من البشر الذي تجده بين جميع الشعوب، وفي كافة الأزمان. فمنافقوا اليوم من العرب يلومون المقاومة على تصديها للعدوان بذريعة وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف الأبرياء، وهم بهذا ينطقون بلسان العدو ويستخدمون مفرداته، ويتذرعون بذريعته، واستعراض لبضع آيات كريمة وردت في وصف المنافقين والمؤمنين، يظهر بجلاء الفارق بين هذين الفسطاطين: فسطاط المؤمنين، وفسطاط المنافقين، وهي الآيات من 166-174 من سورة عمران، فاقرأها بتمعن لكي ترى هذا الشبه المبهربين منافقي الأمس ومنافقي اليوم، وبين مؤمني الأمس ومؤمني اليوم:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن وليعلم المؤمنين -166- وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون-167- الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين -168 – ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون  -169 – فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم اللا خوف عليهم ولا هم يحزنون -170- يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين – 171 – الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم -172- الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل – 173 - فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم -174).
فالقاريء لهذه الآيات الكريمة سوف يتبين فيها وصفاً لنوعين من البشر:
1-  المنافقون: (الذي يتذرعون بعدم القدرة على القتال أو التبرع بمالهم لدعم المقاتلين في سبيل الله، ليس ذلك فحسب، بل إنهم يثبطون همم المقاتلين في سبيل الله، ويلومون الذين قتلوا منهم على تهورهم وعدم إصغائهم إلى نصائحهم بالقعود وعدم النفير إلى الجهاد). كان ذلك منذ 1400 سنة منذ بدء الدعوة، وها نحن نرى اليوم نفس الأفكار من منافقي العصر، فمن هؤلاء من يلوم المقاتلين في غزة على تهورهم، مما تسبب في قتلهم وقتل مئات المدنيين، ومنهم من يقول أنه كان من الأفضل عدم التسبب في هذه الكارثة، وهم بذلك يتحدثون بنفس خطاب العدو الذي يتهم المقاومة بالتسبب في قتل الفلسطينيين المدنيين.
2-  المؤمنون: الذين استجابوا لله والرسول وقاتلوا في سبيل الله، فوعدهم بالخلود في الدنيا والآخرة، أولئك الذين حاول المنافقون تثبيط عزائمهم، وتخويفهم من بأس العدو، فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فأثابهم الله السلامة ولم يمسسهم سوء، فواضح أن مقاتلي هذه الأيام في غزة هم نسخة طبق الأصل عن مقاتلي عصر النبوة.
من البديهي أن خطر المنافقين يفوق بكثير خطر العدو، فهم بين ظهرانينا، يوسوسون بالوهن، ويبشرون بالهزيمة، بينما هم جالسون سالمون، يرجون أن يتحقق تحذيرهم وتثبيطهم لهمم المقاتلين المؤمنين، ولكن (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) صدق الله العظيم.



No comments: