Tuesday, June 25, 2013

أميرٌ نادرٌ

في أوائل شهر مايو الماضي، تنازلت الملكة بياتريكس، ملكة هولندا، عن عرش بلادها لابنها الأمير فيليم اليكساندر، فأقام العرب الأفراح والليالي الملاح، ثم بدأوا بجلد أنفسهم لأن حكامهم لا يقومون عن الكرسي إلا إلى القبر. 
اليوم، وبعد تنازل الأمير حمد، أمير قطر، لابنه وولي عهده تميم، عن الحكم، لنستعد لسماع كمية من الشتائم والإشاعات والتنبؤات حول هذا الحدث: منهم من سيقول مثلاً بأنه انقلاب أبيض، حيث تؤيد القوات المسلحة القطرية!!! ولي العهد، فاضطر والده للتنازل عن الحكم حقناً للدماء، ومنهم من سيقول بأن الأمير حمد كان قد خلع والده الأمي عن الحكم، فخشي أن يقوم ابنه بما قام به هو، فآثر احترام الذات وتنازل لابنه طوعاً، آخرون سيقولون بأن النظام السوري قد دبر خطة لعزل الأمير حمد بسبب تأييده الثورة السورية، ورب قائل بأن الولايات المتحدة هي التي أجبرته على التنازل لأن سمعته في تأييد ثورات الربيع العربي ربما تدفع شعوباً ما زالت نائمة لكي تتحرك. آخر سيقول بأن زوجته (موزة ) قد هددته بالخلع إن لم يتنازل لابنها عن الحكم، وبما أن موزة أقرب إلى قلبه من حكم قطر، فقد فعل ما أمرته به. وغيرها الكثير. لكن الأمير السابق! حمد يستحق أكثر من ذلك!، فعندما عمر الضاحية الجنوبية، أطلق عليه حزب إيران اللبناني لقب (أمير المقاومة)، لكنه عندما أيد الثورة السورية، أصبح متآمراً على الأمة، وعندما عمر غزة، غضبت عليه الضفة، وعندما بنى استاداً رياضياً بقيمة 10 ملايين دولار لشباب مدينة سخنين الفلسطينية، قالوا بأنه يعمر إسرائيل، أما في مصر فقد اتهموه بأنه يريد شراء الأهرامات وقناة السويس، وفي ليبيا كانت التهمة أشنع: قالوا بأنه يدبر لكي ترفع ليبيا إنتاجها النفطي إلى 5 ملايين برميل يومياً لكي تنعش بذلك اقتصاد مصر وتونس!، يا ألله، جريمة نكراء. 
أمير قطر السابق ليس أول حاكم ظلمته الألسن العربية النتنة، فقبله شتموا عبد الناصر وصدام حسين.
ملايين القصص سوف تحاك حول هذا الحدث النادر في التاريخ العربي المعاصر، هذا التاريخ الذي يقول فيه الحاكم العربي (أنا، أو أحرق البلد) و ( أنا، وإلى الأبد) ومع ذلك يجد من يصفق له، فليستعد أصحاب الخيال الواسع لكتابة قصص شيقة حول أسباب تنحي أمير قطر طواعية عن الحكم. 

No comments: