Monday, May 16, 2016

بين الدكتاتور والطاغوت



بسبب قسوته وظلمه، يحسب الناس أن النظام الدكتاتوري هو أسوأ نظام يمكن أن يحكم شعباً ما، لكن مراجعة سريعة للتاريخ السياسي، القديم والحديث والمعاصر، توضح بأن النظام الدكتاتوري هو واحد من الأنظمة السياسية المعترف بها، كالملكي والجمهوري والأميري والديمقراطي، إذ أن الظروف السياسية، سواء المحلية أو الدولية، هي التي تعمل على ظهور الدكتاتورية، فقد يأتي الدكتاتور على أنقاض نظام ديمقراطي فاشل، كهتلر الذي تمرد على الديمقراطية الألمانية المهلهلة التي سيطر عليها اليهود، أو يظهر الدكتاتور متمرداً على نظام ديمقراطي حقيقي وذلك بتآمر مع طرف خارجي، كالدكتاتور التشيلي الجنرال بينوشيه الذي انقلب بالتآمر مع CIA على حكم سيلفادور أليندي، أو يأتي الدكتاتور نتيجة خطر خارجي داهم يهدد وجود الدولة برمته، كستالين السوفييتي الذي أنتجه الغزو الألماني لبلاده في الحرب العالمية الثانية، وحتى في الدول الديمقراطية، قد تمنح الظروف الطارئة، كالحروب والكوارث، رأس الدولة سلطات وصلاحيات الدكتاتور، كتشرشل في بريطانيا وروزفلت وترومان في الولايات المتحدة. ومن البديهي أن الدكتاتور لا يحكم بمفرده حكماً مطلقاً، بل تساعده نخبة من المؤمنين بأفكار، أو المنافقين له لمصالح شخصية، أو خوفاً من سطوته، وربما كان هذا الدكتاتور صالحاً في فترة ما، كمثال ستالين، الذي لولا دكتاتوريته لسقط الاتحاد السوفييتي أمام الغزو الألماني، أو كعبد الناصر في مصر، وصدام حسين في العراق، لكن السمعة الشائعة عن الدكتاتورية والدكتاتور هي سلبية بالتأكيد.
هذا التقديم لا يهدف سوى إلى التنبيه إلى مفارقة أن النظام الدكتاتوري ليس هو الأسوأ بين الأنظمة، لكن الأسوأ منه هو نظام (الطاغية)، ومن اسمه تشعر بحجم الظلم والسحق الذي يتعرض له الشعب على يد رأس هذا النظام (الطاغية)، الذي يبدو اسمه قريباً جداً من لفظة (طاغوت)، وهو اللفظ القرآني الذي يدل على الشيطان، وبما أنه لا توجد في اللغة العربية مفردة تدل على جمع كلمة (الطاغية) حيث لفظة (طغاة) غير قريبة من الأذن، فالأقرب أن تجمع في كلمة (طواغيت)، وما يسود هذه الأيام في بعض البلاد العربية ليس هو الحكم الدكتاتوري، بل هو الحكم (الطاغوتي). تخيل ماذا يحل بالناس عندما يحكمهم طاغوت.


No comments: