Sunday, May 12, 2013

لماذا يتذكر النظام السوري الجولان اليوم؟


لماذا يتذكر النظام السوري الجولان اليوم؟
    ينشغل المنجمون وقارئو الودع والفنجان – من فوق الماء ومن تحته – هذه الأيام، بالقرار الجريء! الذي اتخذه النظام السوري بفتح جبهة الجولان للمقاومة الشعبية من أجل استردادها من يد الاحتلال الإسرائيلي، ولا يعرف هؤلاء المنشغلون بالقضية بالضبط أي حلم رآه الرئيس في منامه، أو ربما في صحوه، لكي يتخذ هذا القرار الجريء!، كما دفعهم ذلك إلى التساؤل عما إذا كان الرئيس قد سمع مؤخراً فقط بأن هضبة الجولان محتلة، وستكمل عامها السادس والأربعين بعد ثلاثة وعشرين يوماً من تاريخ هذا اليوم تحت الاحتلال، أي منذ كان عمره سنتين فقط، (فهو من مواليد 11 سبتمبر – وبالصدفة البحتة ما يصادف اليوم العالمي للإرهاب! – 1965)، كما يتساءل هؤلاء المنجمون، مع جميع المراقبين والمهتمين بالقضية الشرق أوسطية، عن السبب الذي منع الرئيس من التفكير بتحرير الهضبة قبل سقوط عشرات الآلاف من القتلى السوريين، ودمار المدن والبلدات والقرى السورية، وخمَّن بعضهم أن هؤلاء القتلى ربما كانوا هم السبب الذي أخّر الدعوة إلى التحرير، لذا كان لا بد للنظام من التخلص منهم أولاً، ثم طرد أسرهم بمئات الآلاف إلى دول الجوار كي لا يشكلوا عائقاً يمنع الدولة المقاوِمة من استرداد أرضها المحتلة. غير أن البعض يُرجِع تجاهل الرئيس لحقيقة أن قطعة غالية من أرض بلاده محتلة، إلى بطانة السوء التي تحيط به، والتي أقنعته أن الاحتلال ليس هو المشكلة، وأنه يمكن أن يزول خلال بضعة أيام، لكن بعد القضاء على أعداء الداخل، والذين هم أخطر على النظام من إسرائيل، وربما أقنعته بطانته الفاسدة هذه أيضاً أن الطيران السوري! هو الذي كان يحلق فوق قصره في دمشق ومكان إقامته في اللاذقية، وأن قصف موقع "الكبر" في دير الزور قد تم بنيران صديقة!، حين كانت الطائرات الحربية السورية في مناورة بالذخيرة الحية، فقصفته بالخطأ، أما الانفجارات التي حدثت مؤخراً في جبل قاسيون ليلاً، فقد كانت نتيجة خطأ تقني! أثناء تخزين بعض الذخيرة والصواريخ، وبذا تم التعتيم على هذا الرئيس الشاب، فبقي مغمض العينين، معميَّ القلب، بينما أراضي بلاده محتلة، وطيران العدو يصول ويجول فوق دولته، وبينما جيشه يقتل السوريين بالآلاف، ويدمر مدنهم بالعشرات.
    لكن الجواب الذي غاب عن أذهان هؤلاء جميعاً، أن ما دعى السيد الرئيس الآن لإعلان التعبئة لاسترداد الجولان، لم يكن لاستردادها من إسرائيل، بل لاستردادها من يد الجيش الحر الذي احتل جميع نقاط المراقبة التي كانت تابعة لجيش النظام، وقدم الحماية لجنود قوات الطواريء الدولية عندما كانوا يقعون في مرمى النيران أثناء الاشتباك مع الجيش النظامي (هذه الحماية التي وصفتها أجهزة إعلام النظام والغرب على حد سواء أنه اختطاف، متجاهلين أن الاختطاف يتم للحصول على بعض المطالب كالفدية أو إطلاق سراح بعض الأسرى، وهذا ما لم يتقدم به الجيش الحر)، ونتيجة لانتصارات الجيش الحر هذه، فقد خرجت الأراضي المحاذية لهضبة الجولان من الشرق، من سيطرة نظام دمشق، وبالتالي أصبحت تشكل خطراً على الجانب الإسرائيلي، الذي استمتع ببحبوحة من العيش الهانيء على مدى أربعة عقود ونيف من السنين، يزرع التفاح ويربي البقر، دون أي خوف أو خطر. لكن من الملاحظ أن هذه الدعوة إلى فتح الجولان أمام المقاومة قد صدرت عن النظام وعن حزب الله في وقت واحد، فوحدات اللجان الشعبية – الشبيحة – التي شكلها النظام بسبب انفراط عقد الجيش النظامي، وقوات حزب الله التي سارعت إلى نجدته لنفس السبب، سوف يُدفع بها إلى الأراضي التي حررها الجيش الحر شرقي الجزء المحتل من الهضبة لاستردادها منه، بينما يراقب الإسرائيليون بمناظيرهم المقربة، وهم يأكلون الهامبرجر ويشربون البيبسي، المعركة المحتدمة بين الطرفين، والتي ستكون نتائجها النهائية في مصلحة إسرائيل في جميع الحالات، وهل أحب إلى قلب إسرائيل من رؤية العرب يقتلون بعضهم البعض، ويدمرون حياتهم بأيديهم؟.  هكذا فليكن النظام المقاوم والممانع وإلا فلا: يقتل عشرات الآلاف، ويجرح ويعوّق مئات الآلاف، وييتم مئات الآلاف، ويرمل عشرات الآلاف، ويعتقل مئات الآلاف، ويشرد آلاف الآلاف، ويدمر ملايين المنازل، كل ذلك في بلده، ثم يتفرغ بعد ذلك لتحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي!!!.
    في مصر يستأجرون عشرات البكّايات للبكاء على الميت وندبه، أما في سوريا: فمن أين للشعب السوري أن يستأجر ملايين البكّايات ليبكين شهداءه، ويندبن حظه أنه كان رعية لهذا الحاكم الأحمق؟.

 12/5/2013
        

No comments: