Sunday, April 28, 2013

ولكن تعمى القلوب التي في الصدور


ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
    منذ مدة وجيزة كتبت مقالاً كشفت فيه جانباً مجهولاً من جوانب السيرة الذاتية للرئيس الامريكي أوباما، إذ إلى جانب دراسته القانون في جامعة هارفرد، يبدو أنه متخصص كذلك في الطب - قسم التخدير - وقد فوجئت يومها بأن معظم القيادات الفلسطينية تعرف ذلك دون أن تفصح عنه، إذ كان الرئيس بارعاً في إعطاء جرعات تخدير للقضية الفلسطينية عن طريق حقنها بالوعود الكاذبة حول قضية الشرق الأوسط من حيث حل الدولتين، وقبول دولة فلسطين عضواً في الامم المتحدة، وعندما كانت تبدر عن المريض الفلسطيني علامات الصحوة، كان الرئيس الخبير في علم التخدير يعطيه جرعات إضافية من ملايين الدولارات لكي يستمر في غيبوبته. 
    أما اليوم، ومع تواصل الثورة السورية  في سبيل الحرية، وعنف النظام الذي يرفض أن ينزع أنيابه من عظْمة السلطة، فكان لا بد من تحري موقف الرئيس الامريكي من هذه القضية التي بدأت تأخذ بعداً دولياً، وقد قادني البحث والاستقصاء، بعد طول جهد عناء، إلى استنتاج أن الرجل متخصص كذلك – إلى جانب القانون والتخدير -، في مجال الفيزياء - قسم الألوان -، ولو كنت من الذين يؤمنون بالتقمص، لقلت بأنه كان واحداً من أنجب تلاميذ عالم البصريات العظيم ابن الهيثم، ذلك ان الرئيس  الأمريكي يدرك، لخلفيته الفيزيائية هذه عندما هدد بمعاقبة نظام دمشق إن هو تجاوز الخط الأحمر باستخدامه السلاح الكيميائي ضد الشعب، يدرك فيزيائياً أن للون الأحمر مئات ملايين الدرجات، حيث تذكر شركات تصنيع التليفزيونات الملونة في إعلاناتها الترويجية أن لأجهزتها القدرة على أن تعطي صورة ذات أربعة أو ستة مليارات لون، وهذه النقطة بالذات هي مصدر حيرة من سمع تهديد الرئيس الامريكي للنظام السوري، حيث لا يعلم أحد أي درجة بالتحديد من اللون الأحمر هي التي يقصدها الرئيس في تحذيره، والتي ستجعله رجلاً يفي بوعوده وعهوده، ناهيك عن أنه لو كان رجلاً يملك ذرة من الإنسانية، أو قليلاً من قيم الحرية والعدالة التي يدعيها، لوجد في استخدام السلاح الثقيل والطيران - هذا قبل أن نصل الى صواريخ أرض - أرض بكافة فئاتها والسلاح الكيميائي - لوجد في ذلك مبرراً كافياً للعمل على مساعدة الشعب المظلوم، غير أن أصحاب العقول النيرة فقط هم الذين يعرفون أنه ليس في السياسة - منذ زمن سيء الصيت ميكيافيللي - أخلاق وقيم، بل هناك مصالح ومنافع، لكن العتب هنا ليس على درجة اللون الأحمر الذي يقصده الرئيس، بل على الرئيس نفسه، الذي لا يستطيع الوفاء بما يعد، والذي كان الأجدر به أن يبقى صامتاً، وبعبارة أقل تهذيباً، كان عليه أن يبقى أخرساً.
    حتى هنا ليس في الامر مشكلة، لأن الكذب هو ملح السياسة، ولأن الرئيس سبق له أن كذب عندما وعد بإغلاق معتقل غوانتانامو ولم يفعل، إنما المشكلة مع القدرة على رؤية درجة اللون الأحمر موضع النقاش، والتي  تكمن في أن طبيب أطفال كان يعالج أوباما في طفولته، أصدر مؤخراً بياناً، بعد استفسارات الناس عن درجة لون الخط الأحمر الذي يقصده الرئيس في تهديده النظام السوري، قال فيه بأن أوباما يعاني منذ صغره من ظاهرة عمى الألوان، إذ لا يستطيع المسكين التمييز سوى بين اللونين الابيض والأسود. (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

4/28/2013

No comments: