Sunday, January 3, 2016

الرجال مواقف، والمرء حيث يضع نفسه

منذ يومين بدأ عام 2016، وهو لمن قرأوا التاريخ العربي المعاصر يمثل الذكرى المئوية الأولى للخيانة التاريخية التي اقترفها العرب ضد إخوتهم العثمانيين في ما يسمى (الثورة العربية)، وهي الثورة التي أضاعت هيبة وسيادة البلاد العربية، وألقت بها في أحضان بريطانيا وفرنسا، اللتين بعد جلائهما الشكلي عن بلادنا، أورثتنا مجموعة من الحكام الخونة الذين باعوا أنفسهم للشيطان في سبيل إرضاء شهوة السلطة ونهب أموال الشعوب.
وللتذكير فقط، فقد التقت المطامع العربية مع الأهداف الصهيونية والعصبية التركية في باريس أوائل القرن العشرين، متمثلة بأحزاب العهد والعربية الفتاة والقحطانية، مع الحركة الصهيونية برئاسة هرتزل، وحزب تركيا الفتاة، المشكل أساساً من يهود الدونمة سكان سالونيك، والذين تظاهروا بالإسلام، وعقدت هذه الأحزاب بين بعضها تحالفات كانت أولى تجلياتها الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني وخلعه، وهو الرجل الذي قال بأن قطع أجزاء من لحم جسده أهون عليه من تسليم فلسطين لليهود، وبعد تولي يهود سالونيك مقاليد السلطة في الدولة، ومع اقتراب الحرب العالمية الأولى، زج هؤلاء تركيا في الحرب متحالفين مع إمبراطورية النمسا والمجر، وكان دخول الحرب هذه مكيدة من الحكام الجدد في استامبول لتفتيت الدولة العثمانية. ولكي يعطوا للعرب مبرر الثورة على تركيا، أرسل الأتراك جمال باشا، الملقب بالسفاح لكي ينكل بالعرب، ثم يتراسل مكماهون مع من كان يحمل لقب (شريف مكة) الحسين بن علي لكي يقوم بالثورة على الدولة العثمانية، ومن ثم لم يقاتل الأتراك في بلاد الشام أمام مجموعة من البدو المتخلفين الذين كان يقودهم أبناء ذلك المدعو الشريف، وهما فيصل وعبد الله، فانسحبوا من بلاد الشام تاركينها في قبضة الفرنسيين والإنكليز، الذين لم يتورعوا عن إصدار وعد بلفور عام 1917 القاضي بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، وقد كذب من قاموا بالثورة العربية! عندما قالوا بأنهم لم يكونوا يعلمون بأمر هذا الوعد، ومع أن الروس بعد الثورة البلشفية كشفوا لهم أسرار سايكس - بيكو، ودليل ذلك أن فيصل بن الحسين عقد في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 اتفاقاً مع حاييم وايزمن عرف باسم (اتفاق فيصل - وايزمن) الذي وافق فيه الخونة العرب على إعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فهل كانت تلك هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرجلان، أم سبق ذلك لقاءات وتفاهمات بين الجانبين على مستقبل فلسطين؟. وباقي القصة يعرفها حتى الجهلة.
هذا ملخص سريع للخيانة العربية التي أودت بكرامة الشعوب العربية وضياع فلسطين، والمقرف في الأمر أنه في شهر حزيران - يونيو القادم، سوف تقام الأفراح والليالي الملاح من قبل العديد من السفهاء العرب احتفالاً بالذكرى المئوية للخيانة العربية التاريخية. 
الرجال مواقف، والمرء حيث يضع نفسه..

No comments: