Sunday, July 17, 2011

لطفاً: حاذروا أن تبتلعوا الطعم

ما يطلق عليه اصطلاح ( المؤامرة ) ربما يكون موغلاً في القدم بأكثر مما يتوقعه الكثيرون، فمنذ أن فكر ودبَّر ابن آدم " قابيل " قتل أخيه " هابيل " بدأت المؤامرة بالتشكل في العقل البشري، وهي في تعريفها المبسط لا تخرج عن كونها تخطيط بالسر يهدف إلى تحقيق مصلحة طرف على حساب طرف آخر مستخدماً جميع الوسائل، ومن البديهي أن يتم التخطيط في السر حتى تكون مباغتة المستهدِف للمستهدَف ناجعة ناجحة، فنجاح أية خطة عسكرية يعتمد بالدرجة الأولى على سريتها، بل ربما يكشف المخطِّطُ خططاً وهمية لا علاقة لها بالخطة الأصلية من أجل خداع الطرف الآخر، وما ينطبق على الخطة العسكرية في سريتها ينطبق على وضع باقي الخطط من سياسية واقتصادية واجتماعية، إلخ... ورغم ما لها من أنصار مؤيدين مدافعين، أو أعداء منكرين مماحكين، فإن " المؤامرة " تبقى واقعاً فكرياً يعيشه المجتمع البشري منذ تفتحت أعينه، مما يحتم علينا بالتالي الاعتراف بوجودها، بل ربما حتى بشرعيتها.

أما آخر تجليات المؤامرة، والتي حَذَّرْتُ من ابتلاع طُعْمِها في عنوان هذه المقالة، فهي ظهور الفيلسوف الفرنسي الصهيوني " برنار ليفي " في وسط ثوار ليبيا وتونس ومصر وسوريا ( في مؤتمر المعارضة في باريس )، محاولاً أن يسوق بشكل مُضلِّلٍ فكرة أن ثورات الربيع العربي التي تعيشها الشعوب العربية هذه الأيام إنما هي مدعومة بالكامل من الصهيونية العالمية وبتحريك منها، وربما انطلت هذه الحيلة البارعة على البعض، فأعاد تقييم تلك الثورات، بل وشكك فيها، غير أنها لا يجب أن تتغلغل في عقول الآخرين كالوسواس الخناس، ذلك أن معرفتنا بالدهاء الصهيوني تدعونا بإلحاح إلى الحذر من هكذا ألاعيب تبدو حقيقية مقنعة، بينما هي في واقع الأمر سطحية ساذجة، يمكن كشفها بالقليل من التدبر والنباهة، فمنذ أن أتحف " ميكيافيللي 1469-1527" الإنسانية بكتابه " الأمير "، والذي اشتهر بتسويقه أقذر حكمة سياسية وهي " الغاية تبرر الوسيلة "، منذ ذلك الحين والمؤامرة تأخذ أبعاداً أقرب إلى القذارة منها إلى الذكاء، وربما كانت الحركة الصهيونية من أبرع الذين استخدموا هذه الحكمة السياسية اللعينة " الغاية تبرر الوسيلة". ورغم تظاهره بتأييده الخبيث لثورات الربيع العربي، فعندما سئل هذا " البرنار" عن موقفه من الحصار المفروض على شعب غزة، قال بأن الوضع مختلف!!!. " برنار" هذا لم يأخذ صوراً مع حكام عرب خدموا الصهيونية بأكثر مما خدمها بعض اليهود، وذلك حتى لا يشوه صورهم – المشوهة أصلاً – في نظر شعوبهم، بينما حرص على التقاط الصور مع الثوار العرب، وهو قد استغل الموقف بخبث ودهاء كونه يحمل جواز سفر فرنسياً، فدخل جميع بلاد العرب، التي لو منعته إحدى سلطاتها من دخولها لاتهمت بمعاداة السامية، ولجُرْجِرَتْ إلى محاكم دولية تعمل أحذية لدى إسرائيل، فكم وكم من صهيوني يعمل ضمن حاشيات حكام العرب وهو متخفٍّ وراء جواز سفر أجنبي.

للمرة الثانية: حاذروا أن تبتلعوا الطعم، وتيقنوا أن المؤامرة التي بدأت عندما قتل قابيل هابيلاً سوف تستمر حتى قيام الساعة.

No comments: