Wednesday, July 13, 2011

جهل المسلمين بالذكر الحكيم

من المؤكد أنه لا اشتباه ولا تشابه بين رسالة سماوية من لدن حكيم خبير، ومبدأ وضعه بشر ممن خلق، ولكن الأمثلة المطروقة التالية ما هي إلا لتقريب الموضوع إلى الأذهان، فليس شيوعياً من لم يقرأ كتابات ماركس وأنجلز ولينين، بل ويناقشها ويحاجج بها، وليس بعثياً من لم يطلع على كتابات الأرسوزي وعفلق والبيطار والحوراني ويهضمها بشكل يكفي لمقارعة خصوم البعث بها، أما القرآن الكريم، كتاب الله الذي أنزل على عبده النبي الأمي، فقد عزف عنه المسلمون بشكل أصبح معه مهجوراً، ( وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا – الفرقان 30)لا يقترب منه المسلمون بالشكل الذي ينبغي، ولا أدري من أين جاءت مقولة أن كل من شهد الشهادتين فقد كتبت له الجنة، فأين ذهب العمل الصالح، واجتناب النواهي والمنكرات، والقيام بالفروض والواجبات، تلك التي لا يمكن إتقانها إلا من خلال تدبر أيات الذكر الحكيم. أنا أفهم أن الشهادتين هما بوابة الدخول إلى الإسلام، يتبعها الوصول إلى فهم حقيقي له من مرجعه الرئيسي: القرآن الكريم، الذي لو عدنا إلى نصه المقدس، لوجدنا كماً كبيراً من الآيات التي تحض المسلم على تلاوة القرآن وتدبره: ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة – وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا – إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة )، إلى غيرها من الآيات الكريمة. والمؤسف أن أمر معظم المسلمين لم يقف عند حد عدم قراءة القرآن الكريم وتدبره، بل وصل الجهل بالغالبية منهم إلى افتراء ما لم ينزل به الله سلطاناً، والأمثلة التالية تكفي للدلالة على ذلك:

1- يتهم هؤلاء المسلمون أمَّنا الأولى، حوّاءَ، بأنها هي التي أغرت آدم عليه السلام بأكل التفاحة، ومن ثم استجلاب غضب الله عليهما، الذي أخرجهما من الجنة: وفي هذا جهل فاضح بالرواية القرآنية التي تقول بأن الشيطان هو الذي أغراهما بأن يأكلا من الشجرة المحرمة(ولم يقل بأنها التفاح)، فيقول: ( فدلاهما بغرور فأكلا منها)، ويقول: ( وعصى آدم ربه فغوى )، فحواء بريئة بالنص، علاوة على أنه لم يرد ذكرحواء بالاسم، بل وصفها بقوله ( زوجه )، وبذا لا تقترب رواية الجاهلين بالقرآن الكريم من الرواية الأصلية بحال من الأحوال.

2- عند ذكر كلمة النساء، يهب الجهلة بقرآنهم الكريم ليقولوا: ( كما يقول الله تعالى: إن كيدهن عظيم). وهنا أيضاً جهل فاضح بالنص، فقد ورد ذلك في القرآن الكريم على لسان شاهد من أهل امرأة عزيز مصر التي راودت يوسف عن نفسه، تماماً كما يقول القرآن الكريم نقلاً عن لسان إبليس ( أأسجد لبشر خلقتني من نار وخلقته من طين)، فهذا القول ليس حكماً إلهياً على النساء بأن كيدهن عظيم، بقدر ما هو نقل عن لسان بشر، أو عن لسان إبليس.

3- يجمع الجهلة بالقرآن الكريم من المسلمين الذين لم يقرأوا كتابهم المقدس ولو لمرة واحدة، يجمعون على أن إبراهيم هو جد اليهود، مع أنهم كانوا سيجدون في القرآن الكريم، لو قرأوه، قوله تعالى ( ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)، ومن ذلك قولهم إن فلسطين هي أرض الميعاد لليهود أعطاها الله لهم، لأنهم لم يقرأوا ( فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الكافرين).

4- يخلط الذين لم يقرأوا القرآن الكريم بين آياته، وبين ما يسمعون من بعض الوعاظ والمشايخ، من ذلك ما يقولون بأن عذاب القبر مذكور في القرآن الكريم، وهذا ليس صحيحاً بالمطلق.

5- تشتبه بعض الحكم والأمثلة في أذهان هؤلاء بأنها وردت على شكل آيات في القرآن الكريم، مثل ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) التي يظنها أولئك الجهلة آية قرآنية.

6- لكن المضحك والمحزن في نفس الوقت، وأكثر من أي شيء آخر، أن تسمع أحدهم يستنكر مجاهرة صديق له بالمعصية، فيعظه بالقول: ألم يقل الله في القرآن الكريم: (إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا)، أي أن الله تعالى - جل عن ذلك -، يرضى لنا اقتراف المعاصي، لكنه يشترط علينا الاستتار بها عن أعين الناس.

هذا غيض من فيض على جهل المسلمين بقرآنهم الذي لم يقرأوه في حياتهم ولو مرة واحدة.

No comments: